صاحب مستودع الحزن .. الطيب عبد الله ل عكاظ : اللصوص يطاردونني .. وأعمالي تخرج من رحم المعاناة علي فقندش جدة لا يزال صوت الفنان الطيب عبدالله صاحب الحنجرة المسكونة بالشجن، يتمسك بأهداب الحراك الفني في السودان، رغم ابتعاده عن ساحة الغناء.. حيث لازالت أغنيتاه «السنين والأبيض ضميرك»، و«طريق الشوق» حاضرتين في الذائقة الفنية. الطيب عبر حواره مع «عكاظ»، يشير إلى أن أعماله تعرضت للسطو من قبل بعض أدعياء الشعر والفن، والباحثين عن الشهرة. وهو بهذا يعلن غضبه كون جميع أعماله تخرج من رحم المعاناة. فإلى تفاصيل الحوار: • لماذا طالت غربتك بعيدا عن السودان؟ وتحديدا هنا في المملكة؟ كيف استطعت أن تحدث الموازنة بين مواصلتك المشوار في المنزلة التي حققتها وبين اغترابك؟ أعرف تماما أن غربتي طالت، لكن هناك ظروف تجبرني على الركض في فضاءات الغربة، منها أن بعض أبنائي لايزالون في المدارس، ولكن أفكر جديا في وضع عصا الترحال قريبا. بساط فني • هل تعتقد أن غربتك الطويلة سحبت البساط الفني من تحت أقدامك لحساب غيرك؟ ربما يكون هناك جيل لم يسمع ولم يشاهد الطيب عبدالله على شاشات التلفزيون، لكن أعمالي رغم قلتها لازالت لها جمهورها في السودان. • يقال إن أحد الزعماء العرب، طلب خصيصا أن يسمع إحدى أغنياتك في بدايات حياتك الفنية، ما قصة هذه الأغنية؟ الأغنية عبارة عن قصيدة كانت بعنوان (يا فتاتي)، وهي للشاعر السوداني الطيب محمد سعيد العباسي، وهي بالعربية الفصحى، وقرضها أيام دراسته في مصر، وقد سجلت هذه الأغنية للإذاعة القومية في السودان، وانتشرت بسرعة، خصوصا أن قصتها عن فتاة ما عايرت الشاعر بلفظ عنصري، ما جعله يطلق هذه الأغنية. وأذكر أن معمر القذافي سبق أن زار السودان أيام حكم الرئيس جعفر نميري، وطلب بث هذه الأغنية خصيصا له لأنها تعجبه. سر الحزن • ما سر الحزن الذي يغلف صوتك والكثير من أغنياتك؟ ربما كان الحزن قدرا يطاردني، ولا أستطيع الفكاك منه، وأصبح بمثابة إيقاع في حياتي، ولأن صوتي حزين فكنت ولازلت أختار الأغنية الحزينة، لأنها أولا تصور معاناتي مع الحياة وتستهويني في الوقت نفسه. • قبل سنوات طويلة ظهر رجل ادعى أنه شاعر أغنية «السنين»، وقبل فترة أطل شخص آخر وادعى أنه شاعر أغنية «طريق الشوق»، لماذا أغنيات الطيب عبدالله بالذات تسرق انتباه الباحثين عن الشهرة؟ ليست أغنياتي فقط التي تتعرض لمحاولة السطو، وإنما هناك أغنيات أخرى حاول البعض نسبها لأنفسهم. وأذكر أن أغنية السنين سبق أن ادعى رجل أنها من كلماته، وفي النهاية اكتشف الناس أنه مجرد رجل يبحث عن الشهرة، وقبل فترة قصيرة ادعى رجل آخر أن أغنية «طريق الشوق» التي كتبت كلماتها ولحنتها للفنان عبدالعزيز المبارك من كلماته وقد أوقفته عن حده. وبصراحة أعتقد أن الصدق في أعمالي ما يحفز لصوص المجد والأضواء لمحاولة السطو عليها، وشيء مضحك أن يظهر رجل بعد ثلاثين عاما أو أكثر ويدعي أن أغنية ما تخصه. أشباه الفنانين • ما رأيك في مجريات الوسط الفني في السودان؟ أصبح مثل حارة «كل من إيدو الو» كما قال الفنان السوري دريد لحام، وهو للأسف يعج بأشباه الفنانين وما أكثرهم، كما أن الحسد والتراشق أصبح سمة لهذا الوسط، ولازال الفنانون الكبار يترحمون على أيام زمان. • ما جديد الطيب عبدالله بعد كل هذه السنوات من الاغتراب؟ لدي الكثير من الأعمال نضجت على إيقاع هادئ، منها أغنية أراهن أنها ستكون فرس الرهان، وهي بعنوان (أبوي ود بدر) وهي من كلماتي وألحاني، إضافة إلى أغنية (عذاب الغربة) لسيف النصر سليمان، وقمرة الليل الحزين لعبدالعال السيد، إضافة إلى أغنية (سفر الوجعة) من كلماتي وألحاني. وبالمناسبة تجمعني أمسيات فنية عديدة مع أصدقائي وجمهوري في الحياة الفنية السودانية، وها أنت تلتقي بي في أمسية فنية مع المنتج السوداني سيف الدين عثمان حميدة، وهو ابن فنان السودان المسرحي «تور الجر»، وعدد من الإعلاميين السودانيين زوار المملكة، وبالناسبة كنت قد صورت حوارا للفضائية السودانية في هذه الأمسية مع نجمها المذيع زهير بنقا يذاع قريبا. • يقال إن أغنية «ود بدر» لها قصة حقيقية؟ نعم قصة الأغنية واقعية لشاب سوداني مغترب، جسدت مواجعه وجاءت الأغنية غاية في الروعة. شريكة مشواري • أنت تعيش في جدة من حوالي عشرين عاما، هل فكرت في تنفيذ عمل سوداني سعودي مشترك؟ ظروفي العملية والاجتماعية لم تسمح لي لسنوات الالتقاء بفنان سعودي، بسبب متابعة حال الأبناء بعد وفاة شريكة مشواري قبل سنوات في جدة، لكن طالما أننا ضيوف لديهم كان يجدر بالفنانين السعوديين أن يأتوا إلينا. وكم أتمنى أن أتعاون مع محمد عبده أو عبادي الجوهر، خصوصا عبادي لأن طبقات صوته فيها من الحزن ما يتوافق مع طبيعتي الإنسانية والفنية. السلم الخماسي • هناك مقولة يتداولها العرب من الماء إلى الماء.. أن السودان بمثابة مقبرة للأغنية العربية كناية عن عدم انتشار الأغنية السودانية؟ البعض يرى أن السلم الخماسي هو سبب عدم انتشار الأغنية السودانية، وهو كلام غير صحيح، وهناك في السودان مطربون لهم وزنهم أمثال محمد الأمين ومحمد وردي وعثمان حسين وعبدالكريم الكابلي، كما أن المحطات الفضائية الخليجية والعربية تتجاهل المطربين السودانيين، ولا أدري السبب في ذلك، والذي يجعلني أكثر حيرة أن كثيرا من مطربي المنطقة قدموا أغنيات من السلم الخماسي موسيقيا مثل نبيل شعيل وحسين الجسمي وغيرهما، حتى إن الراحل الكبير طلال مداح طرح له هذا الشهر ألبوما لم يسمع من قبل الأغنية الرئيسية فيه من كلمات الأمير محمد العبدالله الفيصل وكان طلال قد لحنها من السلم الخماسي.