يسعى أغلب المخرجين المتميزين في مجالاتهم الفنية لخلق اجواء تتلاءم دائما مع الحدث المعروض سواء في العمل الدرامي او الغنائي المصور بطريقة الفيديو كليب ويراعون دوما المنطقية في سرد الحدث الفني بصورة جيدة حتى يظهر العمل الفني مكتمل البناء في كل جوانبه، من اشهر هؤلاء المخرجين طبعا في مجال الأغنية المصورة المخرج الاردني حسين دعيبس الذي اخرج العديد من الأعمال الفنية المصورة مثل انا وليلى الذي فاز بالعديد من الجوائز التقديرية مع المطرب العراقي كاظم الساهر، فقد استطاع فعلا ايجاد فكرة فنية متماسكة البناء لتنطبق على تلك الأغنية ذات اللون المأساوي الحزين الذي صاغ كلماتها الشاعر حسن المرواني ولحنها الساهر في البوم انا وليلى، واستمر دعيبس في تصوير الحدث الدرامي للأغنية مع كاظم وعبدالمجيد عبدالله وغيرهم من المطربين الكبار الذين حملت اغانيهم قصة جميلة استطاع دعيبس ان يرسخها في اذهاننا. من الخليج لا اجد الا عادل الخضر الذي تميز كثيرا في تقديم صورة فنية لأغنية حقيقية حتى وان لم تكن هناك قصة في العمل واتت في مضمونها بعبارات حب جميلة وشفيفة استطاع الخضر تقديمها في صورة مناسبة مثل الذي حدث في اغنية (والله احتاجك انا) مع المطربة احلام ومؤخرا مع المطرب راشد الماجد في اغنية (عفناك) التي جاءت ملائمة لأجواء العمل الفني وتخلى فيها الخضر عن مجاميع الفتيات اللاتي يرقصن في الفيديو كليب بدون ان تكون هناك فكرة مناسبة غير الرقص الذي بات مستهلكا. (عفناك) اغنية صورت بالفيديو كليب من البوم راشد الماجد تعتمد في فكرتها الأساسية على الأحياء الشعبية في مناطق الخليج العربي وبصورة ساعدت في جعل العمل يبدو اقرب للواقع وإلى ملامسة العقل البشري بمنطقية متسلسله. مما جعل هذا العمل يبدو اكثر جمالا من فيديو كليب اعذريني لنوال وعبدالله الرويشد الذي قدمه المخرج اللبناني وليد ناصيف في شكل سيئ جدا ابتعد فيها عن أي صلة قد تربطنا بحقيقة وواقع القصة الموجودة في العمل، بناء حواجز كبيرة جدا وظهور عبدالله الرويشد وهو يجري بالبنطلون في منظر مضحك جدا او بعبارة صريحة في منظر غبي لا ادري كيف قبله الرويشد. وفي فيديو كليب ما اذكر متى للمطرب عبدالمجيد عبدالله بدا العمل اكثر سخفا واكثر بعدا عن القصة الرومانسية التي شوهها وليد ناصيف بعدم فهمه لكامل كلمات الأغنية فهو لا يعرف اطلاقا مامعنى كلمة (ما اذكر متى!!) ولايعرف معنى كلمة (حن لي) ولا غيرها من المصطلحات الرومانسية التي حواها العمل الجميل وبدا عبدالمجيد عبدالله في الاغنية منفصلا وبشكل كبير عن واقع الأغنية. المخرج العراقي كريم حمزة اكثر المخرجين العرب الذين استفادوا من الأغاني ولكن بطريقة سهلة وسريعة فقط ونلاحظ ان العمل المصور الخاص به لا يعدو كونه قد صور في بر خال مع فرقة المزيود او حربي العامري او غيرهم من مطربي القنوات الفضائية الخاصة ولعل اكبر دليل على ذلك ما فعله بالمغنية الشابة نسايم التي لم يوجهها اطلاقا في تقديم عمل منطقي يخدمها في بداية مشوارها الفني وجعلها تسير في طريق روبي وغيرها من مطربات الرقص الفاضح. وفي فيديو كليب علاء سعد الأخير (خليك جنبي وسمي بالرحمن) ظهرت امور كثيرة مضحكة جعلتني وانا اتابع العمل اقع في حيرة ودهشة كيف يغني ويقول الوقت بدري والقمر سهران ويبدو جليا وواضحا للمشاهد ان العمل تم تصويره في (عز القايلة)!!، انها بكل تأكيد امور غير منطقية اطلاقا تجعلنا ننفصل كليا عن العمل الفني ولا نشعر به مهما كان جميلا، العمل لم يكن يحمل فيه توقيع أي مخرج تلفزيوني بل كان يسير تحت اسم (maj). الكثير من الأعمال المصورة لم تخدم كثيرا الأغنية وجعلتها تسير في طريق صعب لا يمكن فهمه. ربما قد تمر هذه الامور على المشاهد العادي الذي لا هم له الا ان يسمع ويشاهد فنانه المفضل فقط عبر قنوات الأغاني المختلفة ولكنها لن تمر اطلاقا بالشكل الذي يريده المخرج على النقاد والجمهور الواعي الذي يدرك ويتابع تماما العمل الجميل ويتمنى ان يظهر الفنان بشكل مناسب يتلاءم مع الحب الراسخ في قلبه لشخصه وفنه واسلوبه وفكره ويمقت كل ما يحدث من تشويه للعمل الجميل على يدي كل من امسك بالعدسة وادعى انه مخرج أغنية تلفزيوني.