تلعب المنتديات الأدبية الخاصة في المملكة دورا مهما في الحراك الثقافي في المجتمع السعودي، بوصفها مظهرا مهما من مظاهر المجتمع المدني، ويتوازى هذا الدور ويتكامل مع ما تقوم به المؤسسات الثقافية شبه الرسمية والرسمية في المملكة، ويشكل رافدا مهما لها، وفي مقدمتها الأندية الأدبية والأذرع الثقافية الأخرى لوزارة الثقافة والإعلام. وتعد اثنينية عبد المقصود خوجة في جدة، أحد أبرز هذه المنتديات، ونثمن لها فوزها بجائزة معرض الكتاب في الرياض هذا العام، ولكن إشادتنا بالاثنينية ومؤسسها، يجب ألا تحول بيننا وبين إبداء بعض الملاحظات على أسلوب إدارتها، بل تجعلنا أكثر حرصا على النقد البناء، والمطالبة بتصويب وتقويم بعض الأمور التي نعتقد ويعتقد الكثيرون غيرنا أنها تحتاج إلى التصويب والتقويم، ويتحدث بها رواد الاثنينية همسا. ولعل من أهم هذه الملاحظات هو حجب بعض الأسئلة الموجهة للشخصية المحتفى بها، خاصة إذا كانت هذه الأسئلة لا تتناول محظورا من المحظورات المعلنة، والتي نتفق معها، وهي الخوض في الأمور الدينية والمذهبية والسياسية والعرقية وتصفية الحسابات .. بل تكون الأسئلة المحجوبة في صميم الشأن الثقافي والأدبي، وفي مجال اهتمام وكتابات المحتفى به. ورغم وجود العديد من الأمثلة على ذلك، والتي يشهدها رواد الاثنينية دائما، إلا أنني سأستشهد بما حدث أخيرا في ندوة تكريم المستشرق الألماني «اكيهارد شولتس»، حيث افتتحها مؤسس الاثنينية بمطالبة الحضور بنص كلامه «بعدم طرح أسئلة على المستشرق الألماني تتعلق بالاستشراق بصفة عامة، والاستشراق الألماني بصفة خاصة!!» فأي منطق هذا، مستشرق لا يسأل حول الاستشراق الذي هو مجال تخصصه، ففيم يسأل إذن؟! وقد سبب هذا الطلب حرجا بالغا لصاحبه، حينما نودي على أحد الباحثين لإلقاء سؤاله فاعتذر عن إلقائه، لأنه حول موضوع الاستشراق الذي حجبه مؤسس الاثنينية، ولكن المستشرق بنفسه طالب بطرح السؤال! إنني من موقع المحب للاثنينية ومؤسسها، أود أن أشير إلى أن تكريم أية شخصية محتفى بها، لا يعني أبدا عدم نقدها، وتناول إنتاجها الأدبي ومسيرتها الثقافية العامة بموضوعية وتجرد دون تهويل أو تهوين، بل ربما فتح هذا النقد الموضوعي بابا أمام المحتفى به لتوضيح ما غمض، وبيان ما قد يكون خافيا على السائل وغيره .. وأخيرا: إن الانفتاح الاجتماعي والمشاركة الفاعلة المباشرة للمرأة جنبا إلى جنب الرجل في الاثنينية، والذي سعيت إليه حثيثا، يجب أن يتوازى مع الانفتاح على رواد الاثنينية. خالد الأصور