ضربت الحيرة «سابون» الإندونيسي حينما شعرت صديقته «ميلا» بأعراض ومخاض الولادة بعد أن ضمهما سكن واحد عدة أشهر في أحد منازل حي النعيم. عاش الرجل الذي يعمل سائقا خاصا لدى إحدى الأسر ساعات من الترقب والقلق عندما تضاعفت أوجاع صديقته التي وضعت حملها بمعاونته، ثم لفظت أنفاسها لترحل عن الدنيا. لم يجد سابون سبيلا للخلاص من الجثة والرضيع، فحمل الأولى في سيارته وألقى بها في مكان منزو ثم عاد لنقل الرضيعة وتسليمها لأحد معارفه ثم توارى عن الأنظار. حيثيات الواقعة بدأت الجمعة الماضية عندما عثرت الأجهزة الأمنية على جثة امرأة مجهولة في فضاء حي النعيم، وتولت شرطة جدة البحث عن هوية السيدة الراحلة بمتابعة اللواء علي الغامدي وضباط شرطة مركز السلامة، وفي الحال تم استدعاء الطبيب الشرعي وخبراء الأدلة الجنائية. البحث عن 3 هويات لم تسفر عمليات تفحص الجثة عن أية آثار اعتداء أو مقاومة، وجاءت المفاجأة مدوية عندما أعلن الطبيب الشرعي أن السيدة الراحلة وضعت جنينا قبل 12 ساعة من العثور على الجثة. المعلومة المتوافرة كانت كافية لتحفيز سلطات الأمن للبحث عن هويتي الأم والأب والتقصي عن مصير الرضيع، وتولى مساعد مدير شرطة جدة للأمن الجنائي ومعه مدير التحقيقات الجنائية توجيه فرق الأمن بمتابعة وملاحقة الخيوط، ليقود رئيس قسم التحقيقات في مركز شرطة السلامة عمليات التحري والاستقصاء وزيارة مسرح الحادث في أرض فضاء، حيث رصد الأمن آثار إطارات سيارة وتزامن مع ذلك متابعة دقيقة من رجال البحث والتحري لكافة المعلومات المتوافرة والتدقيق في بلاغات المفقودين وفرض رقابة على مسرح الحادث. حقق مخبرون سريون نجاحات كبيرة في رصد مشتبهين من ذات جنسية الراحلة وبعد أقل من يوم من العثور على الجثة وردت معلومات في غاية الأهمية عن رجل إندونيسي يدعى «سالمين» يطوف حول معارفه عارضا عليهم استضافة رضيع حديث الولادة ريثما يعود والده الغائب، واستجاب بعضهم للعرض ولم يخف أصحاب شقة في الحي دهشتهم حينما طرق رجال الأمن بابهم ويسألون عن الرضيع، فتوالت الإفادات من سيدات المنزل أشرن فيها إلى أن رجلا يدعى سالمين جاء بالرضيع وطلب استضافته لبعض الوقت ثم مضى في حال سبيله. لم يمض وقت طويل قبل أن تصل الأجهزة إلى سالمين الذي أفاض في تقديم المعلومات والإفادات عن الرضيع وأمه. وقال أمام المحققين إن السائق سابون الإندونيسي الذي يقيم بسكن ملحق في بناية في حي النعيم هو من أحضر له الرضيع فتحركت سلطات الأمن إلى الشقة وضبطت المتهم. سابون ينكر الأبوة أنكر سابون أبوته للرضيع، وقال للمحققين إنه تعرف على صديقته «ميلا» 27 عاما وهي حامل في الشهر الخامس، وتوطدت علاقتهما واصطحبها للسكن معه في غرفته، وفي فجر الجمعة الماضية دهمتها أوجاع المخاض فاضطر إلى توليدها في الغرفة، ولم يرغب في المغامرة بنقلها إلى المستشفى؛ لأنها لا تحمل هوية نظامية تسمح لها البقاء في البلاد. وأضاف المتهم في الاستجواب أن أنفاس صديقته ميلا هدأت بعد الولادة مباشرة ودخلت في غيبوبة ثم لفظت أنفاسها. واصل المتهم اعترافاته أمام محققي الشرطة، وقال إنه حمل الطفل الرضيع إلى صديقه سالمين وطلب منه العناية به ريثما يعود بعد ساعات، ثم رجع إلى الغرفة وحمل جثة صديقته في سيارته وألقى بها جوار مظلة سيارات في حي النعيم، ثم غادر الموقع خلسة عائدا إلى غرفته لتنظيفها من آثار دماء صديقته ميلا. في المقابل أبلغ المتحدث في شرطة جدة العقيد مسفر الجعيد أن وفاة الإندونيسية ميلا طبيعية ولم تكشف تقارير الطبيب الشرعي وجود أية آثار عدوان أو طعنات، وأضاف أن بعض المقيمين غير النظاميين يلجأون إلى التخلص من جثث أقاربهم المتوفين بإلقائها في المناطق المعزولة أو قرب مباني قنصلياتهم خشية المساءلة. وكشف المتحدث وجود تنسيق مع القنصليات والجهات المعنية لتسهيل إجراءات دفن الموتى المجهولين.