للتغلب على مشكلة نقص (الحصمة) المستخدمة في بناء المنازل في قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، ومنع سلطات الاحتلال لهذه المادة الأساسية في البناء إلى جانب أربعة آلاف سلعة أخرى من دخول القطاع، اضطر مئات الفلسطينيين لخلق فرص عمل جديدة من خلال جمع ركام المباني التي دمرت في الحرب الإسرائيلية الأخيرة وبيعها لأصحاب المصانع، التي بدورها تطحن هذه الحجارة وتعيد استخدامها في صناعة (الباطون) وحجارة البناء. أطلق على هذه الفئة من العمال اسم (المغربلون). ووفقا للإحصائيات الفلسطينية، فقد قامت آلة الحرب الإسرائيلية بتدمير نحو خمسة آلاف مبنى ما بين منازل ومؤسسات. وفي كل صباح يتوجه العاملون، وغالبيتهم من الصبية والأطفال، لغربلة الرمل في المناطق التي تعرضت فيها طرق معبدة للقصف، من أجل التقاط قطع الصخر التي كانت أسفل طبقة الإسفلت ويبيعونها للمصانع، وتتم عملية الغربلة بتجميع أكوام من الرمل وبعض قطع الصخر الصغيرة والحجارة ثم تتم غربلتها بقطعة شبك معدنية ذات ثقوب صغيرة للتخلص من الرمل والحصول على قطع الصخر والحجارة. وتنتشر مجموعات من الفتيان والأطفال وبعض الشباب حتى النساء في المناطق التي تعرضت للقصف الإسرائيلي في مختلف أنحاء القطاع، خاصة منطقة شمال القطاع التي تم استهدافها وتدمير أحياء سكنية بأكملها في الحرب. هذه المهنة الجديدة، رغم صعوبتها، حيث يتم وصف هذا العمل ب(الموت الأحمر) بسبب ما يتعرض له المواطنون من أخطار خلال العمل الشاق وتعرضهم لاستنشاق الغبار أثناء جمع وتكسير الركام الذي يعرضهم لمرض الربو، فإن هذه الفئة من العمال تقع ضمن مرمى نيران قوات الاحتلال الموجودة على طول الحدود مع قطاع غزة، حيث سقط شابان من الباحثين عن لقمة العيش وتم اعتقال 20 شابا آخر أثناء عملهم في هذه المهنة التي تمتهن كرامة الإنسان في غزة.