وأنت على عجل.. اخطف بصرك خطفا والمح مشهدا من مشاهد المسلسلات الخليجية وما أكثرها هذه الأيام!! لن تجد مسلسلا خليجيا واحدا بدون سيارات فارهة!! فإذا كان الخليج مخترع لفظ ال(بدون) وأسبغه على الآدميين الذين رضعوا حليبه وتمرغوا في ترابه.. فهذه (البدون) في المسلسل الخليجي تعني أنه لا يوجد مسلسل خليجي واحد لا يركب أبطاله والكومبارس فيه وبطلاته ووجوهه المعروفة وغير المعروفة كلهم لا يركبون إلا الغالي من السيارات في المشاهد المصورة.. وكلهم يملكون أجمل وأغلى أنواع السيارات.. فهل حقا هذا هو الخليجي اليوم؟ المشاهد البعيد يتوقع أن المسلسلات الخليجية صورة طبق الأصل عن الحقيقة، فهل الحقيقة أن الخليجي اليوم يركب أغلى سيارة، ويعيش في أفخم قصر، ويتناول أطيب طعام على مائدة طويلة عريضة تصطف حولها الكراسي الفاخرة ولا يخدمه غير أجانب.. وهو وحده الجالس أمام «السفرة» يقرمط اللقمة ويشرب العصير؟! والبقية خدم وهو السيد المطاع! هل هذه الصورة النمطية هي الصورة الأصلية والحقيقية للخليجي اليوم؟ وإذا كان شر البلية ما يضحك كما يقولون تجد في بعض المسلسلات الخليجية الذي يلعب دور البطولة يؤدي شخصية الطفران الغلبان المأسوف على شبابه المظلوم المحروم، مع ذلك سيارته جنان!! والا الحريم.. أما «الحريم»... وكثيرات يغضبن من استخدام لفظ الحريم ويقولون إنه يحط من شأن المرأة ولا ينبغي تداوله أو التلفظ به لكنني عندما أكتب أعبر عن رأيي الخاص ولا أدعي أن لي حق التعبير عن الأخريات، كما أني لا أمثل الأخريات أكتب بالأصالة وبالنيابه عن نفسي ولفظ (حرمة) أراه مقبولا بل رائعا ومعبرا!! لأنه مشتق من حرمة الشيء أي عزته ومنعته وجلال قدره.. أراه تحريما لقذفها أو المساس بها أو الإساءة إليها!! وعندما نقول (انتهاك الحرمات) فذلك يعني اختراق الممنوعات واعتداء على الآداب وهكذا لفظ «الحرمة» ممنوع فيه انتهاك الحرمات! ولأن حريم المسلسلات وما أكثرهن يتنافسن على الأدوار البطولية نادرا ما تجد امرأة خليجية تقود سيارة قديمة أو خردة أو (قرنبع) كلهن ما شاء الله أحرص من الرجال على الظهور بالسيارة الفارهة!! فمن خصوصيات عالم السيارات أنه لا يوجد فيه سيارات للرجال وأخرى للنساء كما هي الأزياء مثلا!! ربما الألوان، لكنها ليست قاعدة، ومن الشباب والرجال من يحب السيارة الحمراء أو الفوشي أو الصفراء!! وهكذا مسألة أذواق وليست أجناس!! لماذا دائما الخليجيون يحرصون أن تكون مسلسلاتهم مليئة بمشاهد الثراء والغنى والرفاه والعز والجاه وصور البذخ الشديد الذي ليس له مثيل في مسلسلات الآخرين؟ إذا كان الأمر كذلك من هم هؤلاء الذين يشتكون الفقر وضيق اليد ويعانون من البطالة وشح الموارد!! هذا هو الانعزال الغني! العزلة الإبداعية والحاجز المنيع بين الفن الخليجي وواقعه الحقيقي؛ لذا هي للترفيه لكنها ليست للتعبير وللتاريخ!! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة