يؤكد الدكتور محمد بن علي كومان (أمين عام مجلس وزراء الداخلية العرب) في بحثه «أثر الإرهاب في اختلال الأوضاع الأمنية» أن للإرهاب تأثيرا في الجريمة المنظمة، حيث يوضح أن وجود ترابط وتناغم وتكامل في المصالح بين الجماعات الإرهابية وبين عصابات الجريمة المنظمة، وبخاصة عصابات الإتجار في المخدرات واختطاف الرهائن وغسل الأموال، كما أن هناك علاقة وثيقة بين الإرهاب وبين شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) والتي تجيد الجماعات الإرهابية استخدامها كوسيلة اتصال بين خلاياها وفي تجنيد الشباب للانضمام إليهم، وله علاقته بالقرصنة البحرية. يبين الدكتور كومان الآثار السلبية للإرهاب في مجالات الاقتصاد والتنمية، والمجالات السياسية والاجتماعية، مشيرا إلى أن هناك ترابطا بين الأمن والأزهار الاقتصادي، كما أن القطاعات الاقتصادية عانت كثيرا من آثار الإرهاب، وعلى الأخص قطاعات السياحة والاستثمار الأجنبي. ويشير الدكتور كومان إلى أن الإرهاب يشكل خطرا كبيرا على المكاسب السياسية والاجتماعية في العالم، وأن تأثيرا يتجاوز مجرد إظهار عجز السلطات العامة عن مواجهة التحديات وحماية المواطنين إلى الرغبة في انتزاع مقاليد السلطة في الدولة المستهدفة، كما تمتد الآثار السياسية للإرهاب إلى التأثير على الانتخابات العامة الداخلية، وإلى الإساءة إلى حركات المقاومة والنضال ضد المحتل الأجنبي، كما تشمل آثاره الاجتماعية، زيادة معدلات البطالة وانتشار الفقر وخلق حالة من تصارع القيم والثوابت الاجتماعية. ويتناول الدكتور كومان الآثار الدينية والثقافية الناجمة عن الإرهاب، منها: انتشار بعض المفاهيم المغلوطة والفتاوى الخاطئة التي تبيح القتل والتدمير، انتشار ظاهرة الغلو والتطرف الديني والتكفير للمخالفين، الإساءة البالغة إلى الإسلام بإيهام الغير بكونه يدعو إلى العنف والإرهاب، وإثارة الحقد والكراهية بين الحضارات وتحريك النعرات القومية والطائفية. وتطرق الدكتور كومان إلى تأثير الإرهاب على الأوضاع الأمنية في مختلف دول العالم بصفة عامة، وفي الدولة المستهدفة بالعمليات الإرهابية بصفة خاصة، فالإرهاب بالإضافة إلى ما يخلفه وراءه من قتلى ومصابين، يولد لدى المواطنين والمقيمين حالة من الخوف والفزع ويخلق أجواء من الفوضى والاضطراب من شأنها أن تهيئ الظروف المناسبة لاختلال الأوضاع الأمنية، ويرى أن التحديات الأمنية التي يطرحها الإرهاب تتعاظم بفعل احتمال استخدام الإرهابيين لأسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية، كما أنه يرى أن الإرهاب تولد عنه تزايد استمرار الإنفاق العام العسكري والأمني، وهو ما يلقى بالأعباء الثقيلة على ميزانيات الدول المستهدفة. ويبين أن الإرهاب فرض على جميع الدول اتباع استراتيجيات مكلفة لمواجهته تعتمد على أبعاد متعددة، ويشكل البعدان القضائي والأمني أهم عناصرها فضلا عن أن العمليات الإرهابية قد أدت إلى إضافة مهمات وأعباء جديدة على عاتق الأجهزة الأمنية في حراسة المنشآت العامة والمطارات والموانئ وأمن الحدود وغيرها. ويستعرض الدكتور كومان جهود الدول العربية لمواجهة اختلال الأوضاع الأمنية الناجم عن الإرهاب، منها: جهود وزراء الداخلية العرب من خلال المؤتمرات والاتفاقات والخطط المرحلية والاستراتيجية التي وضعوها لمكافحة الإرهاب، وجهود مجلس وزراء الداخلية والعدل العرب التي أثمرت عن الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب في أبريل عام 1998، وعن وضع القوانين النموذجية الاسترشادية لمكافحة الإرهاب، وغير ذلك من الخطط التوعوية والإعلامية.