تناول الباحثون في الجلسة الثانية من جلسات مؤتمر الإرهاب بين تطرف الفكر والفكر المتطرف المتبنى من الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة صباح أمس محور منابع الفكر المتطرف، وغلبت على خطاب المتحاورين حماسة كل طرف لفكرته، بجانب الحفاظ على لغة الحوار الهادئة والبعيدة عن التشنج المألوف في المؤتمرات المتعاطية للشأن الإسلاموي. وحمّل الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد علي كومان الإرهاب، مسؤولية الحد من حرية الناس واختلال الأوضاع الأمنية، ما ينتج منه تعطيل التنمية وتعريض البلاد لمخاطر عدة، وإرهاق كاهل الدول بتحمل أعباء مالية مرهقة، مرجعاً الأعمال التخربيبة للمتطرفين إلى انتشار بعض المفاهيم المغلوطة والفتاوى الخاطئة، وتكفير المخالف والإساءة البالغة للإسلام، وإثارة الحقد والكراهية بين الحضارات، واصفاً الإرهابيين بالمتقنين للتحايل والتضليل، فكراً وممارسة، مستشهداً على قوله بتعدد جنسيات بعضهم، وتجنيدهم للمرأة مستغلين عاطفتها في تمرير أفكارهم، داعياً المواطن السعودي إلى تحمّل الإجراءات الأمنية المشددة بصدر رحب، إذ إنه مستهدف بذاته من ذوي الأفكار الضالة. فيما استحضر مدير شعبة شؤون الأفراد في شرطة منطقة الرياض العقيد الدكتور عبدالكريم الحربي في ورقته، نماذج من السلوكيات الخاطئة للإرهابيين، ومنها تربية الفرد على الولاء المطلق، وتعميق الانتماء للإشخاص، فيما ربط في مبحث ثان بين الإشاعات، وإساءة الظن بالآخرين، مؤكداً أن المنظّرين للإرهاب يدفعون الأتباع إلى ارتكاب السلوك الإجرامي، والانضمام إلى رفقاء السوء، لافتاً إلى أن الانخراط مع الجماعات المتطرفة يسيء للأسرة والمجتمع، ويبطئ عجلة التنمية، ويخل بالنظام العام. فيما خصص أستاذ الأنظمة في جامعة الملك سعود الدكتور محمد مصطفى الخيش ورقته، لدراسة الإرهاب في ضوء أحكام الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، موضحاً أنه من الصعوبة على الباحث تعريف الإرهاب الدولي، مؤملاً أن يكون تعريفه بقيام مجموعة، أو فرد باستخدام العنف بصورة عمدية غير مشروعة لمصلحة أنفسهم أو غيرهم، مؤثراً التفريق بين إرهاب الأفراد الدولي، وإرهاب الدولة الدولي، مبدياً تحفظه على مجلس الأمن في تكييفه للإرهاب الدولى على أنه يشكّل أقصى درجات السلم والأمن الدوليين، لافتاً إلى عدم قصر المجلس تكييفه على إرهاب الدولة الدولي، بل يمده إلى إرهاب الأفراد الدولي مراعاة لإسرائيل. وأكد الخيش أن الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة لا يحول بين اتخاذ مجلس الأمن احتياطات الدفاع عن الأمن الدولي، داعياً الدول العربية إلى ضرورة التحرك لدفع خطر الدول، ومنها الولاياتالمتحدة الأميركية لاعتدائها على الدول بزعم الدفاع عن الأمن الدولي. فيما ركّز أستاذ الأنظمة في الجامعة الإسلامية الدكتور عطية عبدالحليم صقر في ورقته على دور الإشاعات المغرضة في إذكاء النقد الاجتماعي غير المسؤول، وأثر ذلك في تجذير منابع فكر التطرف والإرهاب، مصنفاً الإشاعات إلى زاحفة وجائحة وغائصة وحالمة ووهمية وإشاعات الفتنة، محمّلاً مسؤولية تنامي الإشاعات لشماعة غياب صدقية الإعلام الرسمي، وتحجيم دور الناطق باسم الأجهزة الحكومية، والتعتيم المتعمد من جانب الجهات المسؤولة عن الأحداث الواقعة. ونبه إلى خطورة الإشاعة في تحوير الذهن الجمعي، من خلال استجابة المتلقي لها وتقبله لمضمونها، خصوصاً في ظل البث السريع والمتواصل للإشاعة عبر وسائل الاتصال الحديثة، مشيراً إلى أن الإشاعة تؤثر في ذائقة الناقد الاجتماعي، وتبث بذور الشك في داخله، ما يخل بانتمائه الديني وولائه الوطني، مؤكداً أن المشرّع أعطى المسلم حق التعبير عن رأيه ضمن قاعدة المسؤولية المانعة من إثارة الإساءة وسوء الظن بالآخر واغتيابه والنميمة عليه والسخرية منه وتحريف كلمه عن مواضعه. من جانبه، ذهب عضو الهيئة العلمية في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور محمد فتحي عيد في ورقته إلى أن استراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب مزدوجة المعايير كونها تخضع للعشوائية والانتقائية وتسيء استخدام حق النقض في مجلس الأمن لحماية مصالحها ومصالح الدول التابعة لها خصوصاً إسرائيل، مشيراً إلى تنامي عدد الحوادث الإرهابية بعد الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، خصوصاً في عام 2006، و2007 الذي سجل أعلى نسبة من أعداد القتلى في تاريخ الإرهاب، مؤكداً على أن التدابير التي نصّت عليها الاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب تتسم بالشرعية ومسايرة أحكام القانون الدولي، والبعد عن ازدواجية المعايير، مطالباً دول العالم الإسلامي ببذل المساعي للانضمام إلى فريق العمل المكلف بإعداد مشروع الاتفاقية الشاملة لمكافحة الإرهاب تنفيذاً للاستراتيجية العالمية، وتكثيف الحضور الإسلامي في المؤتمرات والاجتماعات الدولية والإقليمية التي تعنى بقضايا الإرهاب بغرض عرض وجهة نظر الإسلام ما يسهم في حفظ حقوق المسلمين، والحد من انتهاك حقوقهم. فيما تناول المنسق العام للجان المناصحة الدكتور سعيد بن مسفر الوادعي في ورقته صوراً من مناشط لجنة المناصحة في السعودية، موضحاً أن اللجنة المركزية تقوم على ثلاث لجان، شرعية مكونة من سبعة متخصصين في العلم الشرعي، ونفسية تتكون من خمسة متخصصين نفسانيين واجتماعيين، وأمنية مكونة من جمع من رجال الأمن ذوي العلاقة،لافتاً إلى أن اللجان الميدانية تنتشر في جميع المناطق من خلال فريق عمل يضم في عضويته النفسي والاجتماعي ويترأسها المنسق الشرعي، مؤكداً فشل آلية عمل لجنة المناصحة الأولى لاعتمادها المناصحة الجماعية من خلال الاجتماع بأربعة أو ستة موقوفين ومناصحتهم، مقراً بخطأ تلك التجربة وفشلها ما ألجأهم إلى آلية النصح الفردي عبر ساعة ونصف الساعة من الزمن لكل جلسة فردية وعلى ضوء ذلك تعد اللجنة تقريرها بما تراه. فيما قرأ أستاذ الدعوة وأصول الدين في الجامعة الإسلامية الدكتور عبدالرزاق الحمامي في ورقته أطروحة المفكر الفرنسي روجيه غاردوي ورؤيته حول تشكّل النمو الغربي الحديث عبر مخططات سابقة بدأت بإبادة الهنود الحمر في أميركا، وتجارة العبيد، والاستعمار الغاشم لأفريقيا وآسيا، وأميركا اللاتينية لضمان الاستثمارات،لافتاً إلى أن للحضارة الغربية وجهاً قبيحاً تمثّل في السيطرة والنهب لمقدرات الشعوب الضعيفة، وتقديس المال وتدمير الإرادة الجماعية للشعوب من أجل مصلحة خاصة. ولاحظ متابعون تسجيل اللجنة المنظمة سبقاً في اختيار عدد من المتعاونين المحايدين معنيين بقراءة ملخص أوراق العمل لكل باحث ومنحه فرصة دقيقتين للإضافة والتوضيح ما أسهم في ضبط الوقت والحد من تكرار المباحث المتشابهة والمتداخلة حد التشاكل.