تداولت الصحف خلال الأسبوع الماضي خبر مطاردة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رجلا كان يرتدي بنطلونا مخالفا للتعليمات وانتهت المطاردة بتسليم الرجل لمركز الشرطة الذي سلمه إلى هيئة التحقيق والادعاء العام ليجري التحقيق معه، (وما زال التحقيق جاريا). حين تقرأ خبرا كهذا، تجد فيه أن ثلاث جهات حكومية قد تفرغت لمتابعة أمر رجل، تهمته ارتداء بنطلون مخالف للتعليمات! ما الذي يتبادر إلى ذهنك للوهلة الأولى؟ ما أتوقعه هو أنك ستظن أحد أمرين: إما أن يكون المجتمع بلغ به الترف الأمني حده الأعلى، بعد أن تخلص تماما من جميع مشكلاته الأمنية الأخرى فما بقي عنده ما يقلقه من المشكلات سوى تعقب هذه الأمور الثانوية للقضاء عليها. أو أن يكون أمر من يرتدي بنطلونا مخالفا للتعليمات، بلغ من الخطورة على المجتمع حدا يجعله يقدم مطاردته وتعقبه على مطاردة وتعقب غيره من مرتكبي الجرائم ومخالفي الأنظمة. من الصعب على المرء أن يصدق أن الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف وهيئة التحقيق قد شغلت كلها في هذه القضية! من الصعب أن تصدق أن تلك الجهات الرسمية تجند موظفيها وتشغل وقتهم وتضيع طاقتهم من أجل مطاردة رجل يرتدي بنطلونا غير مطابق للمواصفات المطلوبة! من الصعب أن تصدق أن المبالغ الطائلة التي تقتطع من الميزانية العامة للدولة للصرف على تلك الأجهزة يمكن أن تنفق في مثل هذا العمل الذي يبدو لك أمرا هامشيا متى قارنته بما يعج به المجتمع من أشكال الجرائم والاعتداءات. هل بلغ ارتداء البنطلون غير اللائق من الخطورة والإيذاء للناس مبلغا يجعل الهيئة والشرطة وهيئة التحقيق تنشغل جميعها في قضية الارتداء تلك لتنفق عليها من الجهد والوقت ما يشغلها عن تعقب المجرمين من سارقي السيارات وخاطفي الأطفال ومغتصبي النساء والصبيان؟ وهل بلغ خطر هذه البنطلونات الحد الذي يجعلنا نقدم مطاردة مرتديها على مطاردة أولئك الذين يقطعون إشارات المرور ويخالفون أنظمته على مدار الساعة؟ أو بلغ في خطره مبلغا تجاوز انتشار الغش في الأسواق الذي تروج فيه تجارة المقلد والمخالف للمواصفات؟ إذا كان حكم العقل والحكمة هو البدء بالأهم فالأهم، فإننا هنا نضرب مثلا مضحكا لكيفية معالجتنا لمشكلاتنا، حيث ننشغل بالهامشي منها ونغفل عن الأهم! فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة