ذهب أحد سكان الكواكب إلى أطباء الأرض ليشتري مخا بشريا، فعرض عليه الطبيب ثلاثة أنواع من الأمخاخ، الأول مخ أمريكي بقيمة ألف دولار، والثاني روسي بقيمة ألفي دولار، والثالث عربي بقيمة عشرة آلاف دولار. وحين استفسر المخلوق الكوكبي عن سبب اختلاف الأسعار بين الأمخاخ الثلاثة قال له الطبيب: الأول مستعمل والثاني نصف مستعمل بينما الثالث غير مستعمل! النكت اليوم مع الأسف أصبحت حقيقة. فالمخ العربي معطل أو شبه معطل في أحسن الأحوال. فنحن لا نشغل مخنا بل وأحيانا نسخر من الذين يحاولون تشغيله، لكن ليس تشغيل المخ هو المشكلة الوحيدة عندنا، بل وهذا هو الأهم عدم الخيال. فهل يتذكر القارئ عادة الخيالات الجميلة التي كنا نمارسها ونحن أطفال، طبعا ذهبت مع الريح، فلا أحد شجعنا عليها بل ولا أحد تركنا نمارسها حتى! وعلى عكسنا وجد خبراء غربيون أخيرا أن خيال الأطفال أنمى من خيال الكبار، لذلك يلجأ كثير من خبراء الدعاية والخيال في الغرب المتعاونين مع الشركات التي تنتج الأدوات الاستهلاكية إلى خيال الأطفال والتقاط ما يتخيلونه ويحلمون بتحقيقه من أدوات ضرورية لأمهاتهم في إعمال المنزل، ثم يطور العلماء هذه الخيالات ويجسدونها في مبتكرات تدر الملايين! خارج التجارة هناك خيال جميل يجعل الحياة رائعة. فهناك مبدعون مهنتهم الوحيدة في الدنيا هي الخيال. ومن هؤلاء علماء يبتكرون التكنولوجيا ويخترعون الأدوات العجيبة التي تسهل حياة الإنسان وتجعله يتقدم. وهناك أيضا أدباء يبدعون أشعارا وروايات جميلة ويملأون سطورها بخيالهم الخصب، وهناك كذلك فنانون يصنعون أفلاما رائعة تشعرك بمتعة البصر ولذة التذوق. ولاننسى صانعي أفلام الكارتون المملوءة بخيال عجيب يملأ حواسنا وكياننا. وعلى نقيض هؤلاء المبدعين ومستخدمي الخيال هناك الكثير من الباحثين عندنا وغيرهم من المتخصصين لايقدمون سوى أفكارا جاهزة معلبة كلها اقتباسات ومنقولة من مراجع مشهورة، وطبعا لا يوجد بها حتى جملة مبتكرة وخيال على الإطلاق! وليس بعض الباحثين هم المصابون اليوم بعقدة عدم الخيال، ولكن هناك ملايين من الموظفين والمديرين وغيرهم لايزالون يحتقرون الخيال ويعتبرونه من الأشياء التي لامعنى لها في الحياة ! الخيال ليس موجودا في الطفولة فقط بل متوافر بكثرة في عقولنا التي لانستخدمها على الإطلاق! وهذه لذلك غالية جدا!.