أكد ل «عكاظ» الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان، أن مشاركة الأمير نايف بن عبدالعزيز في اجتماعات وزراء الداخلية العرب التي تلتئم في تونس اليوم ستسهم في تعزيز وتطوير الأمن العربي، مضيفا في حديث هاتفي «للأمير نايف عطاءات متواصلة لترسيخ قواعد مسيرة العمل الأمني العربي وتدعيم ركائزها والمؤسسات العاملة في نطاقها، ما أدى إلى تثبيت عناصر الأمن والاستقرار والنمو والرخاء في سائر الدول العربية». وذكر الأمين العام أن للدول العربية دورا واضحا في محاربة الإرهاب، إدراكا منهم بالأخطار والتحديات الجسيمة التي يخلفها الإرهاب، وهي تعمل بكل طاقتها لتعزيز التعاون العربي والدولي بما يحقق الأمن والحماية للفرد والمجتمع معا وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار والرفاهية. وفيما يبحث الوزراء اليوم مكافحة الإرهاب والتصدي لآفة المخدرات، نبه كومان أن دور المجلس لم يعد يقتصر على مكافحة الجريمة بمفهومها التقليدي بل تطور الأمر إلى مكافحة ظاهرة الفساد، ورعاية السجناء والمفرج عنهم وتأهيلهم حتى يصبحوا فاعلين في المجتمع، وأيضا اهتم بموضوع الأمن السياحي واقتصاديات الدول العربية، والعنف الأسري، وحقوق الإنسان والحريات العامة أثناء ممارسة العمل الأمني وتطبيق القانون. فإلى نص الحوار: • من أهم الملفات المطروحة في اجتماع وزراء الداخلية العرب، الخطة الخامسة لمواجهة خطر الإرهاب، أسألك هنا عن تقييم الأمانة العامة لمجلس وزراء داخلية الدول العربية لمسيرة الدول الأعضاء وإدراكهم للتحديات التي يخلفها الإرهاب؟ ندرك جميعا أن عالمنا العربي يواجه بكل أسف تحديات أمنية مختلفة في مظاهرها ومتعددة في مصادرها، يحتل الإرهاب الصدارة في هذا المجال، ومن هنا تأتي قيمة التعاون وثماره لمواجهة التحديات ومواكبة التطورات وتعزيز الخطوات نحو المزيد من الأمن، والحمد لله فإن التعاون العربي في مواجهة خطر الإرهاب يسير حسب الرؤية التي وضعت لمواجهته، ويتطور كل يوم، وما من شيء يقاوم ويواجه هذه الظاهرة إلا وكنا طرفا فاعلا فيه. • ماذا عن دور الدول الأعضاء وتعاونهم هل وصل للحد المرضي؟ بالمجمل، فإن التعاون بين الدول العربية كامل ومشهود في هذا المجال، ويتم تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب على الشكل المطلوب، وأستطيع أن أؤكد أن الدول العربية إدراكا منها للتحديات التي يمكن أن يخلفها خطر الإرهاب عاقدة العزم على تطوير تعاونها دائما، إيمانا منها وقناعة بخطورته على المجتمعات العربية والإنسانية كافة وتعمل بكل طاقاتها على تعزيز التعاون العربي وكذلك التعاون الدولي، بما يحقق الأمن والحماية للفرد والمجتمع معا وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار والرفاهية. إنصافا، كان مجلس وزراء الداخلية العرب السباق في إدراك خطر الإرهاب واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتحذير منه ومواجهته، ويمكن القول إن رؤية المجلس هي إحدى أهم الرؤى المتكاملة عالميا وإقليميا حول ظاهرة الإرهاب وكيفية مكافحتها بما تضمنته من رؤية مبكرة وخطوات عملية شملت الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب التي عكست وجهات نظر الدول العربية وتطلعاتها نحو مجتمع عربي أكثر أمنا واستقرارا. • لكن هناك من يتحدث أن الإستراتيجية لم تضع أطرا حازمة وقوية لمواجهة الإرهاب؟ على العكس وضعت الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب أساسا قويا لمواجهة ظاهرة الإرهاب الخطيرة بالحزم الذي تستوجبه، بما يعنيه ذلك من توثيق علاقات التعاون والتنسيق بين الدول العربية، كما نجحت في تطويق الظاهرة الإرهابية وضرب عناصر الفتنة والتخريب التي تخطط لأعمال الإرهاب وتنفذها، ذلك أن الدول العربية حريصة على تطويرها وتفعيل نطاقها وجعلها أكثر شمولية كلما دعت الحاجة إلى ذلك لتواكب المستجدات الخاصة بالإرهاب، لذا فقد تم وضع عدد من الخطط المرحلية التي تتضمن جملة من البرامج التنفيذية التي تستجيب للمتغيرات التي تعرفها ظاهرة الإرهاب. مشاركة الأمير نايف • يشارك صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز في اجتماعات المجلس على رأس وفد رفيع المستوى، كيف تقرؤون أهمية مشاركة النائب الثاني وزير الداخلية؟ كل من يتابع مجلس وزراء الداخلية العرب ومسيرته لابد وأن يلحظ الدور المهم البناء الذي يقوم به صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني وزير الداخلية، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب على صعيد تعزيز وتطوير العمل الأمني العربي المشترك، هذا الدور الذي اضطلع به الأمير نايف في تأسيس المجلس عام 1982م، فأجمع أخوته وزراء الداخلية العرب تقديرا لذلك على اختياره رئيسا فخريا للمجلس منذ دورته الأولى. طوال مسيرة عمل المجلس، قدم الأمير نايف بن عبدالعزيز ومازال عطاءات متواصلة لترسيخ قواعد مسيرة العمل الأمني العربي وتدعيم ركائزها والمؤسسات العاملة في نطاقها، مما جعلها تسير قدما في تحقيق النتائج المرجوة منها وتلبية التطلعات العربية في تثبيت جميع عناصر الأمن والاستقرار والنمو والرخاء في سائر الدول العربية. والحقيقة إن وجود الأمير نايف على رأس المجلس أعطاه دفعة قوية إلى الأمام وأسهم في ترجمة أهدافه وتطلعاته لتصبح حقيقة ملموسة على أرض الواقع لتحقيق الأمن والاستقرار في الدول العربية، والذي بدونه لن تتحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية المنشودة، كما مد جسور التعاون بين المجلس وسائر المجالس والمنظمات الأخرى العاملة في نطاق جامعة الدول العربية من أجل تعزيز أمن وسلامة المواطن العربي، بقناعة راسخة بأن تحقيق الأمن والتنمية بمفهومها الشامل لا يمكن أن يتم على الشكل المطلوب دون تعاون حقيقي بين الأجهزة الأمنية، وأجهزة ومؤسسات عديدة كالإعلام والتربية والشؤون الاجتماعية وغيرها. لقد حظيت الأمانة العامة، التي تشكل الجهاز التنفيذي للمجلس، بالكثير من الدعم من الأمير نايف، سواء على الصعيد المادي أو على الصعيد المعنوي، كما أنه يحرص على أن تظل المملكة العربية السعودية في طليعة الدول الأعضاء التي تساهم بصورة دائمة وفعالة في كافة أنشطة الأمانة العامة وبرامجها، وتزودها باستمرار بالمقترحات البناءة والهادفة لتعزيز التعاون العربي في المجال الأمني. وللأمير نايف يعود الفضل الأول في تعزيز وتطوير الصرح العلمي الأمني الشامخ، المتمثل في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. فهو يتابع عن قرب، وباهتمام بالغ مسيرة هذا الجهاز العلمي الذي يرأس مجلسه الأعلى، ويوفر له كافة الإمكانيات والمتطلبات، مما جعله يحتل مكانة كبيرة على الصعيدين العربي والدولي، ويساهم بشكل فعال في تطوير كفاءات وقدرات العاملين في أجهزة الأمن العربية في الاختصاصات والميادين المختلفة. وهذا ما جعل أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب يعتمدون هذه التسمية «جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية»، للجهاز العلمي لمجلسهم، وهذه الأمور كلها تؤكد، دون شك، مدى حرص صاحب السمو الملكي على تنمية وتوثيق عرى التعاون والتنسيق بين البلدان العربية، من أجل توفير عناصر الأمن والأمان للمواطن أينما وجد على امتداد وطننا العربي الكبير. • أنتقل إلى دور الدول الأعضاء، هل أسهمت نتائج اجتماعات وقرارات مجلس وزراء الداخلية العرب في دعم وتعزيز الأمن العربي؟ الجهود التي يبذلها الوزراء ودور الأمانة العامة للمجلس أسهمت إيجابيا في دعم وتعزيز الأمن العربي، ولقد تجاوزت ذلك بحمد الله وشملت جوانب ومجالات أخرى، انسجاما مع المفهوم الشامل والمتطور للأمن، إن الدورة السنوية التي يعقدها المجلس تشكل مناسبة هامة لتعزيز وتطوير علاقات التعاون والتنسيق بين الدول العربية، وتدعيم ركائز مسيرة العمل الأمني العربي المشترك، وهو ما ينعكس بالضرورة بصورة إيجابية على أمن المواطن العربي وصيانة مكتسباته. وقد أثبتت التجربة أن الدورات السابقة التي عقدها المجلس كانت لها نتائج إيجابية للغاية حملت للمواطن العربي المزيد من ضمانات الأمن والاستقرار، في خضم عالم تتفجر فيه الاضطرابات والمشاكل، وتتفاقم فيه أخطار الجرائم المختلفة، ولا سيما تلك التي ترتدي طابع التنظيم ويتم تنفيذها بدرجة كبيرة من الدقة. وكما ترى فإن هذه الدورة لا تقل أهمية عن الدورات السابقة للمجلس، بل تكتسب أهمية متميزة نظرا لأنها تنعقد في ظل تطورات ومستجدات أمنية هامة تواجهها دول العالم المختلفة، وتنعكس آثارها ونتائجها بشكل أو بآخر على دولنا العربية. • ما الذي تحقق على مستوى سلامة وأمن المواطن في الدول العربية؟ وزراء الداخلية في كل دول العالم، كما تعلم، معنيون أساسا بضمان أمن وسلامة المواطن والحفاظ على أرزاقه وممتلكاته، وهما أمران يحظيان بالأولوية عند المواطنين في كل مكان، ولعلك تشاركني الرأي بأن هذه المهمات والأهداف السامية النبيلة لن تكتمل ما لم يستشعر المواطن العربي أينما كان أنه رجل الأمن الأول وأنه ورجال الأمن يعملون لهدف واحد هو تحقيق أمن المواطن والوطن. • ماذا عن مسيرة مجلس وزراء الداخلية العرب بعد مرور 30 عاما على إنشائه؟ عمل مجلس وزراء الداخلية العرب عبر مسيرته الطويلة التي تقرب من 30 عاما على تعزيز أمن الناس والسهر على حياتهم باعتبار أن الفرد هو القيمة الأساسية، لذا يجب العمل من أجل تعزيز حاجاته الأساسية ومنها الحاجات الأمنية، لقد صاغ المجلس رؤية للتعاون الأمني بين دولنا في مواجهة ما يهدد أمنها ومصالحها وسلامة مجتمعاتها، وتبنى في سبيل ذلك العديد من الاتفاقيات والاستراتيجيات الأمنية المشتركة التي يمكن أن تسهم في التصدي للأخطار المحيطة بالأمن العربي انطلاقا من مبادئنا الدينية والأخلاقية والإنسانية السامية التي تحارب الجريمة وتحافظ على حياة الإنسان وكرامته وحقوقه. لقد حرص المجلس على تطوير مفهوم الأمن وترسيخ معنى جديد له ينطلق من نظرة واسعة وشمولية لتداخل الأمن مع كل جوانب الحياة، ووضع في صلب رؤيته الاهتمام بأمن الناس المجتمعي إضافة إلى الأمن الاجتماعي والاقتصادي الذي يشكل ركيزة أساسية وربما من أنجع التدابير الوقائية لحماية الأمن بمعناه الواسع. • عمليا، ما الذي قدمه المجلس طوال الفترة الماضية؟ أمور عدة أذكر منها الإستراتيجية الأمنية العربية التي تم اعتمادها عام 1983م، والخطط المرحلية المنبثقة عنها، الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية لعام 1986م، وخططها المرحلية المتتالية، القانون العربي الموحد للمخدرات النموذجي، الخطة الإعلامية العربية الموحدة لمكافحة ظاهرة المخدرات، الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، الاستراتيجية العربية للحماية المدنية، القانون العربي النموذجي للحماية المدنية، الخطة العربية للحماية المدنية، الخطة النموذجية لمواجهة الكوارث، الاستراتيجية الإعلامية العربية للتوعية الأمنية والوقاية من الجريمة والخطط المنبثقة عنها، مدونة قواعد سلوك الدول الأعضاء لمكافحة الإرهاب، الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، القانون العربي النموذجي لمكافحة الإرهاب، الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي تم التوصل إليها بالتعاون مع مجلس وزراء العدل العرب، الاستراتيجية العربية النموذجية لوقاية الأحداث وإصلاحهم، القانون العربي النموذجي لتسليم المتهمين والمحكوم عليهم، الخطة الإعلامية العربية للوقاية من جرائم الاحتيال، . الأمن الشامل • الأمن لم يعد يقتصر على المفهوم التقليدي في ما يتعلق بالجريمة، بل أصبح أكثر شمولية، إذ يتطرق للأمن السياحي، الاجتماعي، التربوي، وغيره الكثير، ماذا قدمتم في هذا الشأن؟ للمجلس، كما أشرت لك سابقا، اهتمامات بجوانب عديدة أخرى تصب كلها في خدمة المواطن العربي وضمان كرامته وطمأنينته ورفاهيته. فقد أولى المجلس اهتماما كبيرا بالتنمية باعتبارها الرهان الذي تسعى كل دولة حديثة إلى كسبه. كما ينظم المجلس مؤتمرا للمسؤولين عن الأمن السياحي كل عامين، تقديرا منه لدور السياحة في اقتصاديات كثير من الدول العربية، واعتبارا لتأثر هذا القطاع الاقتصادي بأي خلل أمني. كذلك فقد اهتم المجلس بظاهرة الفساد ورأى فيها خطرا على التنمية، نظرا لما ينتج عنها من تغليب للمصلحة الخاصة وتبديد للأموال العمومية، كما اهتم بموضوع النهوض بالأسرة في ظل العولمة، كما ناقش في مناسبات عدة موضوع العنف الأسري وطرق مواجهته. كما اهتم المجلس بموضوع حقوق الإنسان، ونظر في موضوع الدفاع عنها وعن الحريات العامة ودور المنظمات غير الحكومية، وأكد على ضرورة مراعاة حقوق الإنسان والحريات العامة أثناء ممارسة العمل الأمني وتطبيق القانون، ومن مظاهر حرص المجلس على توفير الظروف الملائمة للحياة الكريمة.