فجأة ذرفت الدموع في مآقي طالبات ومعلمات ومرشدات ووكيلات وعاملات مدرسة (زبيدة ال 115) في إسكان الحرس الوطني في جدة، وتعالى نحيبهن وسط صدمة ألجمت الجميع، حينما سقطت مديرة المدرسة المربية فوزية بنت عبد الله الراشد أم عبد الله في غرفة الوكيلة متأثرة بعلة مرضية وتوفيت في الحال بعد أن وقعت اسمها في سجل حضور الدوام الرسمي، وقبل أن تتناول (بخاخ) الربو الذي تعاني منه منذ فترة، لقيت حتفها دون أن يسعفها ذلك البخاخ. يوم الاثنين الماضي لم يكن عاديا، إذ خيم الحزن على المدرسة ( داخل مدينة الملك فيصل السكنية في الغربية ) إنها سحابة سوداء أثقلت نفوس جميع عاملي المدرسة. أم عبد الله لم تكن معلمة فقط بل مربية فاضلة، وإنسانة عظيمة، تستثمر كل طاقاتها وجهودها من أجل مصلحة بناتها الطالبات، تتابع دروسهن أولا بأول، وتحرص أيضا على مشاركتهن في جميع مناسباتهن داخل سور المدرسة ،لقناعتها بأن تواصلها معهن يعزز ويضمن نجاحهن وتفوقهن. وفاة أم عبد الله كانت فاجعة لجميع الطالبات والمعلمات داخل المدرسة حتى الحارس يحيى وآباء وأمهات الطالبات توافدوا على المدرسة فور سماعهن بهذا النبأ المحزن. إن وفاتها ذكرتني بفقدي الجلل لزوجتي أم أروى التي توفيت قبل عامين بأزمة قلبية، ولازلت أذكر لأم عبد الله صنيعها الخير مع بناتي الطالبات في المدرسة، إذ احتضنتهن بحنية الأمومة، وعملت على رعايتهن والتواصل معهن، والسؤال عنهن وعن زميلاتهن الطالبات باستمرار. ولازلت أذكر مواقفها الإنسانية مع بناتي حينما أتأخر عليهن في نهاية الدوام، إذ تحرص هي وزميلاتها المعلمات على التواجد معهن حتى أحضر لأخذهن إلى المنزل، وهذا بالطبع ليس غريبا على تربوية تكن كل الود والمحبة لبناتها الطالبات، كونها تربوية تحمل بين جوانحها كل صفات الأمومة والتواضع، لم تتكبر يوما على الطالبات أو المعلمات، فقد كانت تعامل الجميع بكل ود ومحبة وتقدير وجعلت المدرسة تعمل كفريق واحد.. أم عبد الله لم تهنأ بصدور كتابها الأول ( قواعد سورة البقرة ) الذي مازال تحت الطبع. بناتي الطالبات في هذه المدرسة لازلن متأثرات بهذا الفقد الجلل، ولازلن يبكين بحرقة وألم على فراق والدتهن المربية الفاضلة أم عبد الله، العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الله عز وجل: «إنا لله وإنا إليه راجعون».. وإلى جنات الخلد يا أم عبد الله. وندعوه عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته ويدخلها فسيح جناته. ويلهم الصبر والسلوان زوجها أبو عبد الله وابنتيها وابنها الوحيد عبد الله. عبد الله الصقير