حدثني صديق حميم لي عن حال أبنته التي تدرس بالمرحلة الثانويه إذ تشكوا من حالة نفسية سيئة فلما فتحت معه النقاش أسر لي بأن حالة [ عيوني ] وهو أسم أبنته ناتجة عن رحيل معلمة الفيزياء بمدرستها فقال لم تكن أبنتي تعتبرها معلمة بل كانت بمثابة الأم لها فكانت تعدد علينا كأسرة مناقبها وشدة تعلقها بها وزميلاتها رغم أنها لم تدرسهن إلا فترة وجيزة كانت تبوح لنا بطيبة تعاملها معهن ورحابة صدرها تصف بعفوية دخولها الفصل وخروجها منه بابتسامة المعلمة الكبيرة في تسامحها وعقليتها التي أكسبتها حب الطالبات0 هنا قطع صديقي كلامه وأخذ يطلب مني كيف له أن يقنع أبته بأن رحيل معلمتها لا يجب أن يؤثر عليها وعلى تفوقها خاصة وأن مدرستها تفتقد لمثل تلك المعلمة الناضجة فكرا وعلما .... فلم أملك الإجابة لصديقي [ وعيوني ]وبقيت مثلهم في دائرة الحيرة فعندما تتحدث طالبة في مثل هذا العمر عن معلمتها وتعدد مناقبها وسجاياها فأنها تتحدث بعفوية الطالبة الصادقة فمن وجهة نظر ...عيوني ...لم تكن معلمة لمادة الفيزياء فحسب تلقن دروس الضوء والصوت والمغنطة أو حتى تحفظ قانون نيوتن في القوة والجاذبية لطالباتها الآتي ازدحم بهن الفصل بل كانت أكبر من ذلك كله تجاوزت بعفويتها وطيبة قلبها كل الحواجز التي غالبً ما تكون بين المعلمة وطالباتها أو التي تنسجها بعض المعلمات كنوع من الديمقراطية تجاوزتها لتكون علاقة حميمة بقلب يفيض بالحب و يد تمتد بالعطاء لم تكن معلمة عادية نسجت حبا عميق بين قنوات كسرن قاعداتها الكثير من المعلمات فحق لطالباتها وأولهن عيوني التعلق بها رغم أنها لم تبقى بمدرستهن سوى أيام قلائل فأجبرتها ظروفها على النقل إلي مدرسة أخرى فلم تشفع دموع تلك الطالبات ونحيبهن على بقاءها خرجت من الفصل والمدرسة ولأكنها بقيت راسخة في قلوب وعقول غضة فمن المحال أن تمحو ذاكرتهن روعة تعامل تلك المعلمة التي قل ما يجود التعليم بمثلها0 فهل يجود الزمان للطالبة عيوني بمعلمة كمعلمة الفيزياء التي رحلة عنها ويمحو وجودها حالتها النفسية ... عني أقول مستحيل فنحن لا نملك الا التمني0 اعذروني