في كل مرة يلقي فيها ملكنا كلمته في مجلس الشورى يولد الوطن من جديد، ونشعر نحن بالفرق الكبير والمسافة الشاسعة بين صدقه وصراحته وقربه من الناس وشعوره الحقيقي تجاه ما تحقق للوطن وبين كل المسؤولين الآخرين فيما يدلون به من كلمات براقة، الملك المنير لا يسقينا حلو الكلام لنصحو على واقع أليم بل ميزته أنه يغرف مع الناس من ذات النهر ويشرب معهم من ذات الكأس، يشرب معهم كؤوسهم حلوها ومرها، ويقف على أقرب مسافة من متاعبهم ولا يأتي بكلمته كي يغطي بها على الحقائق بمنخل بل يقول كلمته ويمضي وتصل على الفور قلوب الناس، ملكنا في كفة وملوك الأرض في كفة ثانية؛ لسبب واحد أنه يحمل صفة المواطن الملك.. ولأن الملكية عنده شعبية فيها بساطة وحنو ووداعة وقلب ترى نوره وهو مختبئ بين الضلوع، ملكنا ملكيته كريستال صافية ولامعة وقيمة وغالية وثمينة وشفافة ومبهرة وذات تأثير على القلوب حتى القلوب الموصدة، سبحان ربي أعطاه من الهيبة المحبوبة لا هي يابسة تكسر ولا هي لينة تعصر، ملكيته قارورة عطر لا يخرج منها غير ما هو جميل ومثير وعذب ونقي وساحر، تملأ المكان بأريجها وليس بسياطها ولها قوة نفاذ بخاصية العطر وهو غير خاصية القهر، ملكيته تسبق ولا يسبقها أحد لكنها في طريقها السريع إلى الأمام لا تدوس تحت أقدامها الواقفين على الطريق بل تمر بهم تنعش بعضهم وتنقذ البعض الآخر وتأخذ بيد الباقي، وهكذا ملكية وسط الناس ولا تطل عليهم من فوق، ملكيته كنز إنساني فيه من كل رونق لؤلؤة، ومن كل ميزة ألماسة، ومن كل عطاء محبة، ملكيته سر خاص لا يملكه غيره سر النفاذ إلى القلوب والعقول والحقائق في آن واحد، وفي هذا العصر يصعب الجمع بين هذه الثلاثية في قلب واحد وعند إنسان واحد، ففي العادة .. القلب يرى بالعاطفة ولا يسمع صوت العقل، والعقل يبحث عن البراهين ولا يرى الحقائق، والحقائق لا تقبلها العاطفة ولا العقل لأنها في أغلب الأحيان مرة أو جارحة أو فوق التصور، عند ملكنا تصبح العاطفة مسؤولية، وصوت العقل صوت الضمير، والحقائق مهما كانت مرة .. تعلن وتقال، وهذا هو ملكنا متفرد في كل شيء لذا قال في كلمته «إن ما تحقق من إنجازات لا يلبي الطموحات»، ثم قال «الكلمة أشبه بحد السيف بل أشد وقعا منه»، إنذار تكسوه العاطفة الراجحة.. فقد تمادى أصحاب الأقلام وبائعو الكلام وصار أسهل ما يكون قذف الناس بالكلمات بديلا عن الحجارة، وأصبحت الساحة مفتوحة لعروض القذف بالكلمات إلى أن نبه الملك إلى خطورة الكلمة الفالتة، لم تكن كلمة الملك افتتاحية جلسة ولا هي خطبة كانت دروسا في بناء الأوطان بالإنسان. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة