يقولون إن المرء «صندوق أسرار» حتى يكشف ما فيه عندما يبدأ يتحدث فيظهر للآخرين الكثير من أسرار شخصيته كثقافته وسلوكه ومعها أسرار حياته وقد يكون في الصندوق ما يسر وما يضر. فقد يسر الإنسان إذا ما تحدث بشيء إيجابي يشعر معه بأنه قدم صورة رائعة عن نفسه وقد يندم على حديثه وثرثرته إذا ما وقع في خطأ ويشعر بأنه فضح نفسه إما بمزاح ثقيل أو كلام عليل يسقط فيه أخلاقياته وينزل من مكانته التي كان الناس يضعونه فيها بعد أن أشاح عن نفسه أستاره وأسراره باقترافه للكلام المباح وغير المباح ويكون قد زل وعثر وقد قيل: «يموت الفتى من عثرة بلسانه .. وليس يموت المرء من عثرة الرجل». ليس عيبا أن يكثر أحدنا من صمته، والصمت كما قيل من ذهب إنما العيب أن يسمح أحدنا لنفسه بأن يظل المتكلم الوحيد في المجلس وفي المكان الذي يكون فيه حتى يكثر لغطه وغلطه بثرثرة لاخير فيها ولو جرب أحدنا ألا يتحدث إلا عندما يكون الحديث ضروريا أو يرى أن حديثه سيضيف شيئا مفيدا للمستمع فلا بأس في ذلك، وإن رأى أن الحديث تكرار لما قد قيل وأن من الخطأ أن يعيد دون أن يفيد فكم هو حري بالمرء أن يطبق قول الشاعر: «الصمت أجمل بالفتى .. من منطق في غير حينه». محمد إبراهيم فايع خميس مشيط