يقولون إن الرجل (صندوق أسرار) حتى يكشف ما فيه عندما يبدأ يتحدث ويظهر للآخرين الكثير من مفاتيح شخصيته كثقافته وسلوكه ومعها أسراره وقد يكون في الصندوق ما يسر وما لا يسر. فقد يسر الإنسان إذا ما تحدث بشيء إيجابي يشعر معه بأنه قدم صورة رائعة عن نفسه وقد يندم على حديثه وثرثرته إذا ما وقع في خطأ، فحينها يشعر بأنه أساء لنفسه إما بمزاح ثقيل أو بكلام عليل ينزل من مكانته العالية التي كان الناس يضعونه فيها وقد قيل في ذلك: يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل ليس عيبا أن يكثر أحدنا من صمته، فالصمت كما قيل من ذهب، وإنما العيب أن يسمح أحدنا لنفسه بأن يظل المتكلم الوحيد في أي مجلس يحضره حتى يكثر لغطه وغلطه بثرثرة لا خير فيها. ولو جرب أحدنا ألا يتحدث إلا عندما يكون الحديث ضروريا أو يرى أن حديثه سيضيف شيئا مفيدا للمستمعين فلا بأس في ذلك وإن رأى أن الحديث تكرار لما قد قيل فحري بالمرء أن يطبق قول الشاعر: لاخير فى حشو الكلام إذا اهتديت إلى عيونه والصمت أجمل بالفتى من منطق فى غير حينه