شمر مدير التعليم في هذه البلاد عن تصريح من العيار المفجع. وأقول مفجع لأنك تشعر حين تقرأه أنك قفزت في دقيقتين إلى مائة عام للأمام مهرولا بعده إلى تقويم جوالك لتتأكد أن دوران الأرض لازال بخير وأن الشمس في مكانها والتاريخ ليس 1531ه، وما أكثر التصريحات التي تقفز بك قفزا إلى عقود للأمام فيما الواقع هو كما هو. يقول سعادة المدير وقد استعان في تصريحه المنشور نهاية الأسبوع المنصرم بأفعال التفضيل والتأكيد والتطبيل: إن صرح تعليمنا أصبح يضاهي، (ولاحظوا الكلمة)، دول العالم المتقدمة من حيث التطوير العلمي والإداري. إلى هنا لا تملك إلا أن تصيح: ما شاء الله، اللهم لا حسد، اللهم زد وبارك. ولكن سرعان ما ستتحول إلى (الحوقلة) إذا عرفت أن هذه النقلة النوعية سببها ووقودها، في رأي سعادته: سبورة إليكترونية ومعها كم جهاز حاسب آلي قادت فصول مدارسه لمزاحمة أمريكا وأوروبا واليابان على الكرسي الأول في قائمة التصنيف العالمي لمستوى التعليم. شخصيا أعتقد أن المدير يتحدث بثقة وقناعة بهذا الإنجاز، خصوصا وهو يلحق بتصريح سابق لزميل له قال إن مناهجنا هي الأفضل عالميا لمجرد أن طالبا يتبع لإدارته فاز بالمركز الثاني في مسابقة علمية في ركن من العالم. وهذه المصيبة. دعونا نعد إلى السبورة والحاسب مربطي فخر المدير، ليت سعادته وهو يزور مدارس محافظته لتدشين فصولها النموذجية ليطلق بعدها تصريحه؛ ليته حمل بين يديه جهازا واحدا وتفحصه جيدا من الأسفل. وليته دقق في سبورة واحدة وبحث عن شريط صغير في طرفها وقرأ ما كان مكتوبا عليه. ليته قرأ مكان صنع ذاك الحاسب وتلك السبورة والتي لن تخرج من احتمالين: مستوردة من دولة أوروبية أو شرق آسيوية. ليته فعل قبل إحراجنا أمام دول العالم بهذا التصريح وهو شخصية قيادية يتبع وزارة معتبرة. مشكلة بعض مسؤولينا أنهم منهمكون جدا في الشكليات والمظاهر على حساب المضمون، فمجرد شراء أحدهم لشاشة حاسب وإضاءته لفصل دراسي بمصباحين ودعمه بثلاثة أسلاك وشبكة إنترنت يعتقد أن أمر التطوير انتهى، ولم يتبق إلا وقت قصير لتبيض فصوله عباقرة ومكتشفين يغيرون خارطة العالم من مدرسته. مشكلتهم أنهم لا يكلفون أنفسهم في تصفح المنهج المعتق على طاولة الطالب ويقررون بعدها ما الذي يحتاج إلى تطوير. مشكلتهم أنهم يعتقدون أن المال سيغير لوحده حال التعليم دون الحاجة إلى مراجعات لمضمونه، (أطلق سيل المال وستنبت الأرض،لوحدها، تغييرا). مشكلتهم أنهم لم يستوعبوا بعد كيف طورت دول العالم المتقدم من تعليمها قبل اعتمادهم للمشاريع. مشكلتهم ومشكلتنا أننا لازلنا (عالة) على كل منتجات الغرب، وحين نتخلى عنهم فليتفضل سعادته وقتها بالتصريح والتفضيل. سنصدقه حينها لأننا سنتأكد أننا تطورنا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة