** قبل سنوات استعان مبتعث بسيدة لكتابة مذكراته الجامعية.. وعندما انتهت دفع لها المتفق عليه فأخرجت السيدة دفتر الإيصالات فحاول مجاملتها بأنه ليس في حاجة إلى إيصال فانتفضت السيدة غاضبة وقالت له: أتريدني أن أسرق بلدي؟! ولمن لم يفهم أو لا يريد أن يفهم أقول باختصار شديد: إن السيدة أعطت للمبتعث درسا قاسيا في الانتماء الوطني؟!!! وهذا ما نريده لمعالجة كل سلبياتنا: الانتماء الوطني وهو الأكسير الذي نحتاجه لننضم فعليا للعالم الأول وليس بالحضارة المادية فهذه يمكن تنفيذها في مدة زمنية قصيرة طالما توفر التمويل اللازم. أما بناء الإنسان فيحتاج إلى جهد مضاعف ليكون عاملا فاعلا في تنمية وطنه والمحافظة على منجزاته. بالتأكيد عرفتم أن هذه المقدمة هي مواصلة مني لموضوع العنوان ولردود أفعال: الاستقدام.. تجارة بالبشر المنشور في 5/2/2010م. وقد تلقيت من عدة جهات إلا الجهة المعنية وهي وزارة العمل. كما كان للقراء على موقع الجريدة آراء متفاوتة. لكن الأهم جاءني من الدكتور عبد الرحمن عبد الله الزامل رئيس مجموعة الزامل وهو صاحب خبرة عميقة في القطاعين العام والخاص إذ أرسل إلي دراسة بعنوان: استراتيجية توظيف السعوديين والاستقدام. ومع تقديري الكامل له فإن كل الحلول المطرحة منه أو من غيره إنما هي في الواقع مسكنات لا تغني عن الجراحة المطلوبة. لأنه طالما ليس هناك نظرة جدية إلى المصلحة الوطنية قبل النظر في المصلحة الخاصة فإن أصحاب المصالح سيجدون المنافذ والحيل اللازمة لإعادة إحياء مصالحهم من جديد وسنجد أنفسنا في الدوامة؟! لهذا ليس هناك من حل حقيقي إلا بالبدء فورا في تربية وطنية تستهدف الناشئة لتخلصهم من كل الانتماءات القبلية والطائفية والمصالح الخاصة وغيرها إلا الوطن ففيه نحيا وعنه نموت. وفي نفس الوقت نبدأ في تطبيق الحلول المقترحة بشكل صارم لنضمن تنفيذها. وفي يقيني أننا نحتاج إلى لجنة تقص للحقائق مثل مثيلتها التي جاءت بأمر ملكي لمعرفة أسباب كارثة جدة، فأضرار الاستقدام ربما تكون أكبر باعتبارها خطرا مستمرا يستنزف مواردنا المادية ويؤثر في مستقبل مواردنا البشرية. وهو ما أشرت إليه في المقال السابق بالبحث الجنائي كضرورة لمعرفة أسباب استمرار هذا الخلل الكبير الذي يؤثر سلبا في اقتصادنا الوطني. وهنا ينبغي أن أكون واضحا فإني ضد استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وكأننا في عصر الرق. وهو ينطبق على من في الداخل أو في الخارج. ولكني لست ضد العاملين بشكل نظامي من غير السعوديين فهؤلاء على مختلف مستوياتهم لهم فضل الإسهام في تنفيذ برامج التنمية. وهم بذلك يستحقون الشكر والتقدير. وعودة إلى دراسة د. الزامل فإننا نلمس مدى خطورة انعدام الوعي الوطني، فعندما حاول استقطاب الشباب للعمل في مجموعته كان رد المهتم بالشباب بأن الثلاثة آلاف ريال وتأمين السكن والتأمين الصحي غير مغرية للشباب فكل واحد منهم لديه خمسة أو عشرة سجلات تجارية وكل سجل يحصل على خمسة عمال يبيعهم بمبلغ عشرة آلاف ريال للتأشيرة الواحدة، وكذلك يؤجر السجل والمحل على أجنبي ويأخذ ألف ريال شهريا وبذلك يتعدى دخله ما تقدمونه له؟!! لن أتساءل كيف يحصل شاب على هذا العدد من السجلات أو هذا العدد من التأشيرات، وإنما هل يمكن للوطن أن يعتمد على مثل هؤلاء الشباب؟!! * مستشار إعلامي ص.ب 13237 جدة 21493 فاكس: 6653126 [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 257 مسافة ثم الرسالة