أكد ل «عكاظ» مستشار وزير الشؤون الإسلامية، المدير العام للتوعية العلمية والفكرية، عضو لجان المناصحة الدكتور ماجد المرسال أن التطرف النسائي لا يصل حد اعتباره ظاهرة في مجتمعنا بحكم طبيعة المرأة وطبيعة المجتمع السعودي المحافظ، موضحا أن أنسب الطرق لمواجهة التطرف عند النساء والرجال على حد سواء هو رفع مستوى الوعي لدى المجتمع بخطورة التطرف وآثاره السيئة في الدنيا والآخرة، واعتبر المرسال المعالجات الدرامية والإعلامية للتطرف سلاحا ذا حدين، حيث يمكن أن تساهم في الحد منه أو تؤدي إلى زيادته وانتشاره. وعد المرسال المواقع الإلكترونية المشبوهة إحدى أهم وسائل تجنيد النساء، مشددا على أننا حتى الآن لم نحسن التعامل مع هذه الوسيلة الفعالة. وأوضح المرسال أن حملة السكينة قد أنشأت قسما نسائيا وأهلت مجموعة من النساء للعمل فيه لمواجهة مد الجماعات المتطرفة على الإنترنت، مبينا جهود وزارة الشؤون الإسلامية في هذا المجال ببرامجها الكثيرة المتنوعة التي تعزز الوسطية والاعتدال، مؤكدا أن هذه الجهود كان لها أثر في كبح جماح التطرف عند الرجال والنساء وهي تتكامل مع الجهود الأخرى الرسمية وغير الرسمية. وأفاد المرسال أن التطرف النسائي في المنطقة موجود، ولكنه لا يشكل ظاهرة مقلقة، مفيدا أنه في مجالات الفكر أكثر منه في مجال ممارسة العنف. واعتبر الدكتور ماجد أن استغلال الغلاة لأقارب المتطرفين لجذبهم للتنظيمات المتطرفة أمر طبيعي كونهم يستغلون الجانب العاطفي عند الناس لإقحامهن في التطرف، وذكر أن الجوانب العاطفية غير العقلانية هي أكبر الأسباب التي أوقعت كثيرا من الناس نساء ورجالا في التطرف بسبب القرابة أو غيرها. ولفت المرسال إلى أننا بحاجة إلى المزيد من المختصات في معالجة الفكر الضال. واستبعد المرسال تأثر النساء بقصة هروب وفاء الشهري إلى اليمن، مشددا على أنها كانت محل استنكار الجميع، وهي تدل على مدى ما وصل إليه فكر القاعدة من انحراف خطير. وأرجع المرسال سبب عدم التوسع في افتتاح أقسام نسائية في لجان المناصحة لقلة الحاجة لذلك، من حيث قلة تورط النساء بأعمال العنف كما هو عند الرجال، جاء ذلك في حوار أجرته معه «عكاظ»، فإلى التفاصيل: • بداية، هل يعتبر التطرف النسائي ظاهرة في مجتمعنا؟، ولماذا لا يفصح عنه؟ من وجهة نظري، التطرف النسائي لا يصل حد اعتباره ظاهرة في مجتمعنا، ولو قارنت عدد الموقوفين في الأحداث أو الذين دخلوا في أعمال التخريب من الرجال ومن يقابلهم من النساء لتبادر إليك أنه لا يوجد امرأة متطرفة واحدة في بلادنا، لكن قد يوجد بل وجد في بعض المجتمعات النسائية من لديها نوع من التطرف لكنه في نظري محدود جدا، وذلك بحكم طبيعة المرأة بشكل عام وطبيعة مجتمعنا بشكل خاص، كما أن النساء لهن دور كبير في مواجهة التطرف والمتطرفين. • ما أسباب انتشار التطرف النسائي؟، وأين يكثر؟ قلت سابقا إن التطرف في المجتمعات النسائية لا يشكل ظاهرة، وما يوجد منه فله أسبابه المشابهة لأسباب التطرف عند الرجال من الجهل، قلة العلم، البعد عن العلماء، الحماس غير المنضبط، العاطفة الجياشة غير الموزونة بميزان الشرع، والتأثر بالآخرين وخاصة الأقارب مثل الأب أو الأخ أو الزوج أو الابن، ويمكن أن تكون المرأة التي تتعامل مع الإنترنت، خاصة المواقع المتطرفة هي الأكثر عرضة للتورط في حبال التطرف. مواجهة التطرف • ما أنسب الطرق لمواجهته؟ أنسب الطرق لمواجهة التطرف عند الرجال والنساء تتمثل في رفع مستوى الوعي لدى المجتمع بخطورة التطرف وآثاره السيئة في الدنيا والآخرة، فالوقاية خير من العلاج، وتحصين الأجيال نساء ورجالا ضد التطرف أمر مهم جدا. • هل ستسهم المعالجات الدرامية والإعلامية في الحد منه أم في انتشاره؟ المعالجات الإعلامية ونحوها يمكن أن تساهم في الحد منه، ويمكن أن تؤدي إلى زيادته وانتشاره إذا كانت المعالجات متطرفة فالتطرف لا يولد إلا التطرف. أما إذا كانت موضوعية منصفة واقعية ومقنعة دوافعها حسنة وصحيحة ومراميها النصيحة والإصلاح فلا شك أنها ستؤثر وتغير في الناس. • ما وسائل تجنيد النساء في الحركات المتطرفة؟، وهل أصبحت جزءا من استراتيجية القاعدة؟ وسائل تجنيد النساء نفسها وسائل تجنيد الرجال، وهي كثيرة ومن خلال دراسات وإحصاءات، والأمر الظاهر أن أبرز وسيلة استغلها المتطرفون للتجنيد هي الإنترنت، وهذا ليس خاصا بالقاعدة، وإنما هذا يشمل جميع المتطرفين يمينا أو شمالا، وأرى أن هذه الوسيلة ما زلنا لم نحسن التعامل معها كما ينبغي. وهناك وسائل أخرى كالإصدارات المسموعة والمرئية والمقروءة المختلفة والصور ومقاطع الفيديو والأصدقاء الذين يحملون الأفكار المتطرفة، والقاعدة وغير القاعدة يحاولون تجنيد المرأة والإفادة منها في تحقيق أجندتهم ومشروعاتهم، ولكن كما قلت استجابة المرأة للأفكار المتطرفة لا يمثل ظاهرة بحكم طبيعة المرأة وطبيعة المجتمع السعودي المحافظ. دور الوزارة • وماذا عن دور وزارة الشؤون الإسلامية في مواجهة الغلو عند النساء؟ وزارة الشؤون الإسلامية تقدم برامج كثيرة للنساء والرجال من أجل تعزيز الوسطية والاعتدال، وقد أولت موضوعات الغلو والتطرف أهمية خاصة، وأطلقت حملة السكينة للحوار عبر الإنترنت وبعض دعاتها أعضاء في لجان المناصحة. وفيما يتعلق بالغلو عند النساء، فالوزارة أعدت كثيرا من البرامج الموجهة للمرأة في جميع مناطق المملكة، وأنشأت قسما خاصا بالنساء في حملة السكينة للحوار عبر الإنترنت، بالإضافة إلى نشر الكثير من المطبوعات السمعية والمقروءة والإلكترونية الموجهة للمرأة تتضمن فتاوى العلماء وبياناتهم حول الأحداث وتحذر من القول على الله بلا علم ومن التكفير ونحوه. • يعتبر الإنترنت إحدى الوسائل الفعالة في تجنيد النساء، ماذا أعدت حملة السكينة لمواجهة هذا المد، خاصة فيما يتعلق بالنساء؟ كما قلت، حملة السكينة أنشأت قسما نسائيا يعمل فيه مجموعة من الأخوات، وقد أقيمت لهن برامج تدريبية عالية في مهارات الحوار والإقناع، وبعضهن حزْن الرخصة الدولية في التدريب بالتعاون مع معهد ازدهار للتدريب وعضوية الأكاديمية البريطانية للتدريب بإشراف المدرب المهندس المعروف سمير بنتن. ونسعى الآن لتطوير موقع الحملة وبصدد إيجاد موقع خاص بالنساء تستقطب له المختصصات في المجالات الشرعية والفكرية والنفسية والاجتماعبة؛ من أجل تحقيق الوسطية التي هي سمة ديننا، وهي الصفة العامة لمجتمعنا بحمد الله. • برأيك، هل أسهمت هذه الجهود في كبح جماح التطرف النسائي في المملكة؟ بلا شك، هذه الجهود كان لها أثر في كبح جماح التطرف عند النساء والرجال، وهي تتكامل مع الجهود الأخرى الرسمية وغير الرسمية. ظاهرة مقلقة • هل يوجد في المنطقة تطرف نسائي؟، وهل يؤثر في حال وجوده على النساء في المملكة؟ نعم، يوجد تطرف نسوي، ولكنه لا يشكل ظاهرة مقلقة، وهو في مجالات الفكر أكثر منه في مجال ممارسة العنف، وفي نظري أن التطرف النسوي محدود جدا في النساء مقابل التطرف في الرجال فكرا وممارسة، وأوضح دليل عليه عدد الذين تورطوا في الأحداث داخل المملكة، وكذلك عدد الموقوفين من الجنسين. ولا شك أن التطرف عند المرأة إن وجد يؤثر سلبا، فهي يمكن أن تؤثر على أقاربها من والدين وأبناء وزوج وعلى تلميذاتها إن كانت معلمة، ونحو ذلك. • لماذا يتم التركيز على نساء المتطرفين وقريباتهم من أمهاتهم وزوجاتهم وأخواتهم وأقربائهم في جذبهن للتنظيمات المتطرفة؟ أمر طبيعي أن الغلاة يستغلون الجانب العاطفي عند الناس لإقحامهم في التطرف، بل إن الجوانب العاطفية غير العقلانية هي أكبر الأسباب التي أوقعت كثيرا من الناس في التطرف سواء العاطفة بسبب القرابة أو غيرها، والإنسان يفترض أن يحكمه الشرع ويحكمه العقل السليم؛ ليستقل بفكره، ويحذر من الاندفاع خلف عاطفته، فيميز بين الصح والخطأ والحق والباطل. برامج مواجهة • هل لديكم، في إدارة التوعية العلمية والفكرية، برامج موجهة للنساء بخصوص التطرف؟، وهل يوجد نساء مؤهلات لذلك؟ التوعية العلمية والفكرية لديها برامج موجهة لمنسوبي الوزارة من الدعاة والخطباء والأئمة، وهناك برامج خاصة بالنساء من الداعيات المتعاونات؛ لتفعيل دورهن في تحقيق الوسطية والاعتدال ومواجهة التطرف الغالي أو الجافي. • من المسؤول عن تأهيل نساء للعمل في الحد من التطرف النسائي، سواء البرامج الوقائية أو العلاجية؟ تأهيل النساء مسؤولية المجتمع بمؤسساته المختلفة، وهناك كما قلت قسم نسوي وتدريب في حملة السكينة، وهناك متعاونات في لجان المناصحة، ونحن بحاجة إلى المزيد من المختصات في معالجة الفكر الضال. • هل تسهم حادثة هروب وفاء الشهري مع زوجها إلى اليمن في تكرار حوادث الهروب من أخريات في المملكة كخطوة شجعتهن عليها وفاء؟ لا أظن ذلك، وهروب وفاء كان محل استنكار المجتمع السعودي بكامله والمجتمع النسوي بخصوصه، وهي حالة شاذة برهنت على مدى ما وصل إليه فكر القاعدة من انحراف خطير. • لماذا لا يتم تشكيل قسم للمعالجة النسائية في المملكة؟، ومن المسؤول عن ذلك؟ قلت إنه يوجد في حملة السكينة قسم نسوي وتوجد متعاونات مع لجان المناصحة، والسبب في عدم التوسع هو قلة الحاجة لذلك، من حيث قلة تورط النساء بأعمال العنف كما هو عند الرجال؛ ولذا ينبغي التركيز على جوانب الوقاية وتعزيز الوسطية في المجتمع، وهذه مسؤولية الجامعات، التعليم، الدعاة، الأسرة، المسجد، والمؤسسات الدعوية والإعلامية.