لو سارت بك خطواتك في سفر على البر وأعياك الطريق، جرب أن تتوقف في إحدى الاستراحات على الطرق السريعة، ستجد نفسك أمام خيارين إما أن تقبل بمرارة الأمر الواقع للحصول على بعض الراحة، أو أن تواصل المسير إلى جهتك دون توقف، وربما تكون الحالة الثانية هي الأقرب إلى نفسك رغم كل ما فيها من مخاطر. ويبدو أن التطور الذي طال الخدمات بأنواعها وخصوصا خدمات الإسكان لم يصل إلى استراحات الطرق السريعة، فالحالة هناك بدائية جدا ولا تعكس الوجه الحقيقي للتطور الخدماتي الذي تعيشه البلاد، ويؤكد مسافرون أن استمرار هذه الاستراحات بهذا الوضع فيه إساءة للمنجز الحضاري للمملكة خصوصا أن هذه الطرق ليست حكرا على السعوديين، ويشاركهم فيها آلاف المسافرين القادمين من دول العالم لإداء الحج أو السياحة. وطالبوا بتدخل الجهات المهنية لإزالة هذه الاستراحات والعمل على إنشاء شركة متخصصة لديها القدرة على عمل نماذج موحدة وفق مواصفات معينة تراعي فيها الجوانب الجمالية وجودة المنتج، وذلك لتغيير النظرة السلبية تجاه هذه الاستراحات. ويقول محمد سالم إن استراحات الطرق لم تخضع منذ إنشائها لأي تنظيم أو إشراف من أي جهة، ولا زال بمقدور أي شخص بناء استراحة بالطريق التقليدية، «نتيجة لهذه الاجتهادات الفردية انتشرت عشرات الاستراحات العشوائية التي ليس لها أية علاقة بالحياة العصرية التي نعيشها». ويؤكد أن «الاستراحات على الطرق السريعة تصنف في دول العالم ضمن المنتج السياحي ويمكن من خلالها قياس مدى رقي السياحة في هذا البلد، لذلك أتمنى أن يعاد النظر في هذه الاستراحات لتحويلها إلى جانب خدمي سياحي يراعي طبيعة المستفيدين منها». أما المواطن الإماراتي محمد جمال الذي جاء مع حملة لتأدية العمرة برا، فيؤكد أنه تفاجأ هو ومن معه بالحالة المزرية للاستراحات التي تقع على الطرق السريعة على عكس ما تخيلناه حيث «كنا نتوقع أن لا يقل مستوى الاستراحات في المملكة عن نظيراتها في بقية الدول، لكنا صدمنا بالوضع السيء، فالمباني متهالكة والنظافة غائبة تماما والمراحيض لا تصلح لقضاء الحاجة والحشرات تشاركنا المكان». ويضيف: «اضطررت أمام هذا الوضع المزري أن أبقى حبيس السيارة طوال الطريق لساعات طويلة واكتفيت بتناول بعض المأكولات الخفيفة حتى وصلنا إلى المدينة التي نقصدها». ويصف من جهته المواطن ماجد محمد هذه الاستراحات ب «بؤر توزيع ونشر الأمراض» لأنها لا تخضع لأي إشراف طبي، ويؤكد أنه لو تم استغلالها بشكل جيد ستكون مصدرا جيدا للدخل القومي وستوفر عشرات فرص العمل للشباب العاطلين. لكن محمد الكنهل يرى ما هو أبعد من ذلك، فالاستراحات من وجهة نظره أصبحت خرابات مهجورة وملاذا للمطلوبين أمنيا، مطالبا بسرعة العمل على تطويرها عبر إشراك القطاع الخاص في ذلك.. وحول ذلك، قال مصدر مسؤول في الهيئة العامة للسياحة والآثار إن نظاما تحت الدراسة تشارك فيه جهات حكومية سيسهم في تطوير نظام استراحات الطرق وسيحدث نقلة كبيرة في خدماتها ويساعد أمانات المناطق على تحقيق تلك النقلة والتي يأتي من أبرز ملامحها أن يكون التشغيل تحت إدارة شركات متخصصة.