عندما توحدت المملكة على يد الملك عبدالعزيز، يرحمه الله، انتهت حقبة سوداء من التناحر القبلي على الموارد المحدودة في بلادنا، وكان هذا التناحر قائما قبل ظهور الإسلام، تمتلئ بأدبياته كتب الشعر التسجيلي، وهو تاريخ أسود من الغزو، والقتل، وتمجيد فرسان القبائل المزعومين، الذين تنسج جواهم الأساطير، وغيرهم من الذين يوصفون بالصعاليك الذين يسلبون غيرهم مالهم، وحلالهم من الماشية والجمال، ويزعمون الكرم، والجود. تاريخ كاد يمسح من ذاكرة الأجيال، وهو تاريخ لا يشرف لا في الدين، ولا في العرف، خصوصا، عندما يستباح مال الغير، ونساؤهم في سبيل مغانم لقبيلة ضد قبيلة، ولا مبرر له سوى التفاخر الكاذب. مع الثورة الاتصالية ظهر من ينبش بقايا هذا التاريخ ويردده عبر كل وسيلة من الوسائل، ثم دخلت على الخط القنوات الفضائية، وأشرطة الكاسيت، والرسائل القصيرة عبر التلفون الجوال مما يعتبر ظاهرة ضد الدين، والوطنية والانتماء، ومروجوه غرضهم الأول والأخير نهب مال السذج من الذي يعتقدون أنهم برسالة جوال يرفعون مقام قبيلة، أو عشيرة حتى لو لم يكن الغرض الغزو والنهب. وبدأنا نرى محطات فضائية عاشت على إحياء هذه النعرات، واستخدمت أسلوب الاستهواء لبسطاء الشباب ليسيروا في ركبها، واستدعت شعراء (الرد) للظهور على شاشتها للتشاتم إما صراحة، أو مبطنا بما يسمونه (الغطو) المسيء. هذه القنوات استفادت من جو الحرية الثقافية التي تعيشها المملكة لتجمع المال من تعكير صفو الحياة الناعمة بكل خير لأبناء القبائل الذين هم براء من أفعالها، وغير راضين عن ما تبثه، وتروجه لهم ضد غيرهم، أو عليهم، فالاستياء القبلي من قبل بعض كبار مشايخ القبائل كان واضحا، لكن شيخ القبيلة لا يستطيع منع جاهل من إرسال رسالة من جواله في لحظة استهواء، لذلك تفاقم أمر القنوات بدعم من بعض محافظي المدن الراغبين في ضوء إعلامي ولو بهذه الطريقة. لذلك كله فرحنا بتدخل وزارة الثقافة والإعلام، الذي جاء في تصريح وكيل الوزارة المساعد للإعلام الداخلي المتحدث الرسمي باسم الوزارة عبدالرحمن الهزاع في تصريح له نشرته جريدة الرياض (14فبراير 2010م) قال فيه «إن إغلاق مكتب قناة الساحة الفضائية بالرياض يعتبر جرس إنذار لبقية القنوات الشعبية والعامة التي تثير النعرات القبلية بالمجتمع السعودي، وقال إن قرار الإغلاق جاء بناء على تلقي الوزارة شكاوى من المواطنين لبعض البرامج المعروضة ومخالفات شريط الرسائل النصية». نتمنى أن يطال قرار إغلاق المكاتب، وحرمان القنوات المثيرة المتبقية، ومنها قنوات الدجل، والوزارة تعرفها بما تثيره من صدام فكري باسم المجتمع وليتركوها تعمل خارج المملكة بنفس الطريقة التي منعت رسائل (SMS) عن شاعر المليون، فبهذه الطريقة نجعلها تبث ما يستحق، أوتغير أسلوبها إلى طريق صحيح للكسب الحلال، أو تشفر المحتوى وتبيع مادتها المشفرة إذا كانت ذات قيمة، بحيث يشتريها من يرغب بمثل هذا البث الغريب، وهم قلة في المجتمع المستقر، أو تخرج من فضاء المملكة غير مأسوف عليها، مثلما خرجت (300) قناة قبلها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة