إن الخطأ هو الخطوة الأولى في سبيل الاقتراب من الصواب، فحينما نعرف الخطأ في حاصل جمع عددين سنبصر الصواب، فليس عيبا أن نخطئ فسبحان من لا يخطئ، ولكن العيب كل العيب ألا نتعلم من أخطائنا. فلا تخجل أيها التلميذ عندما تخطئ، ولكن عليك فعلا أن تخجل عندما لا تستفيد من هذا الخطأ أو تكرره، وكما قال رسولنا الكريم «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»... إن المساحة المفقودة «في مجتمعاتنا العربية» ما بين الخطأ والصواب يشغلها النقد البناء. وهو فجوة ليست بيسيرة ولن نتمكن من ردمها حتى لو استوردنا أعتى الماكينات الغربية. إن النقد (البناء) هو الذي يسعى ليس فقط إلى فضح مواطن الخلل والقصور، بل إلى الكشف عن علاجها أو استئصالها، وهو أيضا الذي يصفق دوما للتميز والريادة وليس تملق مصادر القوة والنفوذ، ومبعثه الإخلاص وليس المصالح الشخصية، وأدواته البحث والاستقصاء ، ومنهجه الصدق، وغايته الصواب. ومثل هذا النوع من النقد هو ما ينبغي أن نفرغ له الطريق ونقابله برحابة صدر وسعة أفق، وحوار يسعى إلى استجلاء الحقيقة وبلوغ الغاية، إذا خلصت النية ووضحت الغاية وصح المنهج وصلحت الأدوات. والنقد البنٌاء كما ذكرناه آنفا هو خلاصة المنهج العلمي الذي يقتصر فهمنا له على أن ميدانه هو البحث العلمي لا سيما في العلوم الطبيعية. بيد أنه أسلوب حياة لمن شاء الرقى والتقدم، بل إذا ابتغينا رضا الخالق عز وجل. أسلوب حياة في شتى صورها من أبسط العلاقات الإنسانية إلى رسم السياسات الدولية. وفي حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «انصر أخاك ظالما أو مظلوما.....» دعوة لمثل هذا النوع من النقد، وهو الذي ينبغي علينا أن نتبعه في دقائق الأمور قبل عظائمها، وأن نجبل عليه صغارنا ونحفز عليه شبابنا ونهيئ له شيوخنا. إن هذه الرحلة التي يتوجب علينا البدء بها وإعداد العدة لها ليس بأحدث الطائرات والسيارات الفارهة، وعلينا أن ندرك أن الطريق ليس قصيرا ولا ممهدا، بل بالنية الصادقة والعزيمة والجدية، وإقصاء المصالح الشخصية، والتنفيذ الصارم لقواعد اللعبة على كافة أفراد مجتمعنا سواسية. ماجد محمد محمد غانم