تلك اللحظات التي أوقدت فيها مشعل الإيمان في جنبات المكان تألقت بصوت الحق.. ترجلت عن حطام الدنيا وكتبت على صفحة التغيير اسمك.. أعدتنا للتاريخ وجذبتنا إلى عظمة الانتصار وزوايا العلماء أبحرت بنا بين موعظة ودعاء بين واقع وأمل وجلست تستقبل الهجوم الدائم تنأى بنفسك عن الرد تتعالى عن النزول.. راكبا عزمك.. صاعدا بنا نحو المعالي.. شغوفا بإخوانك.. متلهفا للأخذ بأيدينا.. ينظر إليك الجميع بصورة الأب.. القدوة.. لا يريدونك منكسرا.. ولا متألما.. لأنك رفيقهم حين ينكسرون.. ساعدهم حين يتألمون.. وهكذا عهدناك.. وهكذا أرادت الدعوة لأبنائها ضريبة جهد واجتهاد. أعرف أن في محيطك هموما واهتمامات.. طموحا وانشغالات.. ظروفا خاصة وابتلاءات، ومع ذلك ما زلت مطالبا ببذل اليد وسعة الصدر والاتجاه إلى الحسنى والابتداء بالحوار.. وتلقف المساكين واحتضان التائهين.. لغتك في الحياة لغة حياة.. ودورك فيها يتجلى كأعظم دور في ظل مادية مفرطة سحبت الكثير إليها وأفرغت أرواحنا من أشواق المؤمن. أغبطك على الصفة التي اختارها الله لك وأعرف حجم المغريات التي ترهقك.. ميدانك بحاجة إلى التوازن بين بذل الجهد في الخطة والعمل الميداني وبين حالات السكون الخاصة في هجيع الليل أنين العابد في هدوء النائمين هو مفتاح الانتصار في نهار العاملين.. فاحرص على أن لا يشغلك هذا عن هذا.. فكل كائن يحتاج إلى طاقة يقطع بها الفيافي والقفار وقاطرة الدعوة لا تسير بالخطط فقط بل يحيي نجاحها وتنضج ثمارها عبادة الليل وكثرة التنفل وحث الخطى إلى الصلاة. التاريخ يسجل انتصاراتنا.. ويرسم لوحة تفوقنا.. وهو في حروفه الجميلة لا يكاد ينسى مسواكا تعلق بلحية متوضأة.. ولا ثوبا ارتفع عن الأرض ابتعادا عن الخيلاء.. وهو مع ذلك يصف انتصار الجنود في مواطن القتال.. وتفوق العلماء في مواطن النزال. الحياة تجربة وأنت أحد صناعها فلا تنكسر ولا تحتقر جهدك ولا تضعف إن تنكب غيرك الطريق قف ولو كنت وحيدا.. سر ولو توقف غيرك.. فبدونك أيها الأخ الكريم والأخت الكريمة تفقد الحياة معناها ويضطر الجماد إلى الحديث وإذا ما تكلم الجماد قتلت لغته الحياة... دافئة ما زالت ربوعك فاشعلها كما أشعلتها في أول الطريق واجعل نارها المتوقدة بروح الإيمان سارية في الجموع قائدة للخير نافعة للمجتمع دافعة لتفوق الدنيا والآخرة. الطريق طويل والعثرات حاصلة.. والضوء في النهاية يقين لا تفقده في نفسك فتنطفئ الروح في وقت نحتاج فيه إلى روحك تساعدنا على العودة إلى النور كلما هزتنا الحياة واضطررنا للركون إلى ساحتها الخاوية.. توكل على الله وادفع بالتي هي أحسن.. وكن كما كان الأنبياء صلوات الله عليهم فمهنتك مهنتهم وبضاعتك ميراث رسالتهم.