تحفظت لجنة التحقيق التي تم تشكيلها في مكةالمكرمة حول وفاة 6 أشخاص من أسرة واحدة؛ إثر انهيار سور ملعب كرة قدم تحت الإنشاء على منزلهم، على مقاول مشروع بناء سور الملعب بعد توجيه أصابع الاتهام إليه بالبناء بشكل عشوائي للسور، معتمدا على صبات خراسانية وردميات. وكانت اللجنة قد أفرجت عن مستثمر أرض الملعب بكفالة على ذمة التحقيق، بعد أن أكد خلال مجريات التحقيقات أنه عمل بشكل نظامي من خلال تسليم المشروع لمقاول معروف في مكةالمكرمة لإنجازه بالطرق الهندسية الصحيحة، كما تم إخلاء سبيل مستأجر الأرض التي انهار عليها الجسر بعد استكمال التحقيقات معه وخروجه بكفالة. وكانت اللجنة الهندسية رفعت تقريرها عن أسباب الانهيار الذي لم يعتمد على أساسات قوية تمنع سقوطه وبني بشكل عشوائي بطريقة أدت إلى انهياره مع أول اختبار حقيقي. من جهته، أوضح ل «عكاظ» هاني الفقي (المستثمر) «عملت على إنجاز المشروع وفق الطرق النظامية بتسليمه إلى مكتب مقاولات هندسية خاصة، وقد قدمت إفادتي كاملة لجهات التحقيق بما يرضي ضميري، خصوصا أن قلبي يتفطر على الأرواح التي ذهبت ضحية هذا الحادث المؤسف». و أكد: لا أتحمل المسؤولية حيث قدمت أوراق عقد تفيد بأن المشروع يقوم على تنفيذه مقاول ولا يمكنني تحمل أخطائه، مبينا «ضميري غير مرتاح لما حدث للأسرة، لكن ثقتي كبيرة في لجان التحقيق التي ستبين المتسببين في الانهيار». وعلى جانبي الطريق المؤدي إلى حي الكعكية في مكةالمكرمة، وتحديدا قرب مشروع الملعب الجديد، ينظر علي عبدالشكور الذي فقد ستة من أفراد أسرته في انهيار الجدار المساند لمشروع ملعب كرة القدم «قيد الإنشاء»، بعينين تملؤهما الرغبة في البكاء والدهشة، إلى بقايا أنقاض المنزل المنكوب. «قبل ثلاثة أيام كانوا معنا، والآن لا شيء سوى الذكرى»، يقول علي، مشيرا إلى أنه «لم يمض على انتهاء مشروع الملعب الجديد سوى ثلاثة أيام، وقلنا لصاحب الملعب إن الجدار خطير، لارتفاعه الشاهق، ومن المتوقع انهياره ما لم يدعم بساند وحواجز كافية، إلا أنه لم يكترث لهذا التحذير، مكتفيا بالبناء فوق حواجز إسمنتية موجودة قبل البدء في مشروع الملعب». وعن ليلة الكارثة، قال علي: «كنت في منزل أقاربي وكان أفراد أسرتي في المنزل، إذ منعتني الأمطار من الانتقال إليهم، وانتظرت حتى تنتهي الأمطار لأعود إلى المنزل». ويتابع: «فور انقطاع المطر خرجت إلى المنزل ترشدني إليه أصوات آليات الدفاع المدني، إذ كانت تسير باتجاه منزلنا، لأشاهد نفسي أمام خمسة قتلى، كان هول الصدمة كبيرا». ويستطرد علي: «انتشل رجال الدفاع المدني والدي، وتتالى ذلك بقية الجثث، فيما لم يكتشفوا جثة شقيقي الصغير إلا في اليوم التالي، محملا المسؤولية كل من قصر في تأمين الحماية لمنزلنا من مخاطر الانهيار». ويؤكد إقبال عبدالسلام، جار المنزل المنكوب أن الجميع كان يدرك مخاطر الجدار وأنه عرضة للانهيار في أي وقت، مشيرا إلى أن جاره المتوفى كان يحرص كلما التقى صاحب الملعب على إنهاء مشكلة الجدار معه، حتى علمنا أنه بصدد إنهاء هذه المشكلة، لكن القدر كان أسرع. من جانبه، أكد ل «عكاظ» صاحب الملعب المجاور للمنزل المنهار هاني الفقي أنه عمل كل ما بوسعه من احترازات وتأمين المنزل من خطر انهيار السور الموازي للمنزل، إذ «اتفقت مع صاحب المنزل على وضع دعامات للجدار وبإشرافه المباشر، وعلى طول وعرض الجدار»، مؤكدا عدم معرفته لانهيار الجدار. وهنا يتدخل المتحدث الرسمي للدفاع المدني النقيب صالح العليان بالقول، إن «الجهات الأمنية استكملت عمليات التنقيب والبحث وانتشال جثة الطفل التي كانت مفقودة، وذلك عبر الاستعانة بالفرق المتخصصة واستخدام آليات الكشف عن الزلازل». وأفاد العليان أن لجان التحقيق في الدفاع المدني شكلت لجنة فرعية هندسية لبحث مسببات انهيار الجدار المساند للملعب، والمجاور للمنزل المنكوب. ويقول محمد أرشد، من سكان حي الزهور، الذي شهد الحادثة «نحن في هذا الحي لا نجد الجهات المعنية سواء من أمانة العاصمة المقدسة أو البلديات سوى في الأحداث»، مشيرا إلى وجود مواقع غير نظامية تظهر فجأة في الحي، دون حسيب أو رقيب، محملا الأمانة مسؤولية محاربة هذه المواقع وما يمارس فيها من مخالفات. وأوضح أرشد أن الأمانة غيرت اسم الحي علها تغير واقع الحي المرير الذي يعيش في قلب الأحياء العشوائية، إلا أن اسم الحي لم يغير من واقعه المأسوي والمرير، مشيرا إلى أن مياه الأمطار احتجزت أكثر من عشر أسر في مخططات الطيب والبركاتي، وشلت حركة سكانها، إذ وصل ارتفاع المياه لأكثر من متر ونصف. ويقول كل من محمد الإدريسي ونعمان الصبحي أنهما اتصلا بغرفة عمليات الأمانة، إذ منعته المياه الراكدة من إحضار أسرته من منزل أحد أقاربه يومين كاملين، موضحا أن غياب مشاريع تصريف السيول تدق ناقوس الخطر لاحتمال وقوع كارثة إذا ما استمر الوضع على هذه الحال.