مشعل السديري وجعفر عباس وأحمد العرفج وأحيانا هاني نقشبندي يتنافسون، أو ربما يتناوبون على لقب مايسترو الاعترافات في الصحافة العربية، وهؤلاء لا يجدون صعوبة في السخرية من أنفسهم أو من يعرفون في جريدة يقرأها آلاف الناس، وهذه شجاعة قد لا يحسدون عليها، ولا يستبعد أنها لا يرضى عنها الأشخاص محل التهكم أو التهجم البريء، وهم على أي حال لا يقارنون أبدا بزملائهم في الصحافة الغربية، ومنهم بيني بروكس وكلامها حول يوميات طلاقها الخاص في جريدة «التلغراف» سنة 2006، وزاوية ليز جونز الأسبوعية في مجلة «يو» الصادرة عن جريدة «الميل» والتي تستعرض فيها هوسها الشخصي بالنحافة والنظافة، وأسرارها في غرفة النوم، ومغازلاتها الإلكترونية مع زوجها السابق، وجونز كانت رئيسة تحرير سابقة لمجلة «ماري كلير» المعروفة جدا في أوساط النساء الغربيات، وصحافة الاعترافات ماركة مسجلة باسم المرأة في المملكة المتحدة، والمرأة بطبيعة الحال خيالها واسع، ولا يزاحمها إلا الحبارون الرجال في العالم العربي والروايات الجديدة في السعودية، ولا يخلو هذا من استثناءات مطلوبة كاعترافات روث بيكاردي عن معاناتها مع مرض السرطان في «الأبزورفر» سنة 1996 وكتابات الدكتورة سامية العمودي بعدها في جريدة «المدينة» السعودية سنة 2004. يضاف لما سبق مسرحيات ال «توك شو» وحضور الأشخاص العاديين فيها لمناقشة مشاكلهم العائلية، وبمنتهى الوقاحة والأريحية، وأيضا برامج تلفزيون الواقع وما يجري فيها من مهازل و«قلة حياء»، وتوجد مواد في محطات التلفزيون العربية تستضيف النجوم والمشاهير وتجبرهم على الاعتراف بأشياء مخجلة، ويكون الاعتراف في العادة بعد مواجهة بالدليل أو بصاحب الدليل، ولا أنسى موقع «فيس بوك» الإلكتروني الذي يعتبر منصة مفتوحة للاعتراف الجماعي، ودون مقدمات أو توضيحات غالبا، والإنترنت بالمناسبة ساهمت في تكريس حب الذات والدعاية لها، وأسست لما أسماه أندريو كين ب «نرجسية الديجتال-2007». تجاوز الخطوط الحمراء في الإعلام لم يعد رغبة تحريرية بل تحول إلى مطلب جماهيري، والجماهير أصبحت تتحمس أكثر لرؤية أي «تابوه» وهو ينكسر على الشاشة أو في المطبوعة، بل ووصل الأمر إلى درجة أن بعض الإعلاميين قد يفبرك الحكايات المثيرة والساخنة لجذب المشاهدين، ومن الأدلة الضجة التي أثارتها حلقة ملفقة بالكامل، قدمتها الإعلامية هالة سرحان في برنامج فضائي، والصحافة في صورتها الحالية لا تهتم بما يحدث في العالم الخارجي وإنما ما يحدث داخل بيوت الناس وخلف الأبواب المغلقة، و في بريطانيا تطلب الإصدارات الصحافية مشاركة متابعيها في نشر أخبار الطلاق والفضائح، و توجد لها أبواب وملاحق في «الصاندي تايمز» و«الغارديان» و«الميل». كذلك قرأت أن البريطانية جولي ميرسون، نشرت، دون اسم، سلسة من المقالات في جريدة «الغارديان» مستوحاة من تجربتها العائلية، وفي سنة 2009 أصدرت كتابا عنوانه: «الطفل الضائع» والكتاب طرح بشكل مكشوف علاقتها المضطربة مع ابنها المراهق «جاك»، ودخوله إلى عالم المخدرات، وفشلها المركب في تربيته رغم حرصها، والصحافة البريطانية تناولت المسألة الأخلاقية فيما كتبته «جولي» وبعضها نظر إلى التصرف من زاوية أن فيه تشهيرا وإهانة لابنها، ورأت أن فيها خيانة واستغلالا للعلاقة الحميمة بين الام وأبنائها، وتشويها لمكانة الأمومة وما تنطوي عليه من قيم جميلة، وما قامت به «جولي» انعكس سلبيا على «جاك» حتى أنه قال لجريدة «الصن» في يوم 4 مارس 2009، بأن أمه ليست في «كامل قواها العقلية» ثم أكمل في الغارديان يوم 10 مارس 2009، بأن الكتاب تعرض لأمور جارحة وسرية، وأنه عانى من والدته واستبدادها طوال حياته، ومواقف الصحافة إجمالا تراوحت بين التصفيق لشجاعة الأم وبين وصفها بالتهور والانتهازية واللامبالاة، وأنها استثمرت ظرفها العائلي للوصول إلى نجاح جماهيري، والأهم نشرها عن ابنها دون موافقته، وقضية الموافقة ملتبسة في أخلاقيات الصحافة لان الابن «قاصر» ولا يملك قراره، وللعلم فقد حذفت «الغارديان» سلسة المقالات المذكورة من موقعها على الإنترنت، بعد التداعيات المصاحبة لنشر الكتاب واحتراما لخصوصية الموضوع. كلام الصحافي عن نفسه لا يضر أحدا غيره، ولكن هل يجوز له أن يتعرض لآخرين دون مناسبة تستحق، ويكشف عيوبهم أو ما استأمنوه عليه، لأنه ببساطة «يمون عليهم» أو يستخف بهم أو لا «يتمصلح» من ورائهم!. binsaudb@ yahoo.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة