هل لعبت الصدفة دورها لتنشر صحيفة عكاظ وفي نفس اليوم خبرين يدل أحدهما على الآخر، أو يفضح أحدهما الأسباب التي أدت لحدوث الآخر؟ الخبر الأول يتحدث عن شغب طالبات في المتوسطة السابعة عشرة في شارع المنصور في مكةالمكرمة، فقد احتجزن مديرة المدرسة لبعض الوقت، مما اضطر سلطات الأمن للاستعانة بعشر سجانات لتحرير المديرة المحتجزة، وإنهاء الشغب. الخبر الثاني تحدث عن زيارة طفلة «روان 11 عاما» لمنزل والدها في مكةالمكرمة أيضا، ونشرت صورتها وآثار الضرب الذي تلقته من والدها بالعكاز، ولولا والدتها طليقته التي هددته باللجوء إلى الأمن لما شاهد أحد تلك الكدمات في وجه روان، أعني لما كان أحد شاهد عملية التعذيب القاسية. «روان» وحسب عمرها هي في الصف الخامس ابتدائي، أي بعد عامين ستكون في المتوسطة، وربما في نفس المتوسطة التي حدث فيها الشغب، واحتمالية تكرار نفس الشغب واردة لأسباب منطقية، أو ما أراه منطقيا. ففي داخل «روان» غضب وكراهية مكبوتان، الغضب لما حدث لها من تعذيب، وإن حاول المحيطون بها أن يدخلوه ضمن التربية ليصبح الأبناء صالحين. وكراهية ضد شخص لا يمكن لروان التعبير عنها، لأن تأسيس المقدسات يتم قبل وعي الطفل، وتلك المقدسات ستدفعها إن حاولت التعبير عن كراهيتها؛ للشعور بتأنيب الضمير أو بما يسمى «عقدة الذنب»، وإن تخلصت من «عقدة الذنب» لن تستطيع أن تقول لمن عذبها: «إني أكرهك»، فأصحاب السلطة جيل الأب سيصنفها بأنها عاقة وملعونة معتمدين على قول الله عز وجل «فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً»، وينسون تكملة الآية «وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً»، والفقرة الأخيرة «كما ربياني صغيرا» مفتاح تفسير النص. بعبارة أوضح لا يمكن لك أن تقول لوالديك الرحيمين والعطوفين، اللذين أطعماك قبل أن يأكلا وألبساك قبل أن يلبسا، وصرفا على تعليمك وحرما أنفسهما وأنت صغير «أفا لكما»، لأنه من الظلم أن تكون عاقا مع من وهباك كل هذا الحب طوال حياتك، ومن الظلم أيضا أن نطالب روان بكبت غضبها وكراهيتها؛ لأن القرآن يؤكد «كما ربياني صغيراً»، ووالدها رباها على التعذيب، فلا يحق له ما يحق لمن ربى على الحب. خلاصة القول: إن ما حدث في المتوسطة السابعة عشرة ما هو إلا نتيجة لما يحدث لروان والأطفال الذين يكبتون غضبهم وكراهيتهم وألمهم في الداخل؛ لضعفهم وتهديدهم بالنار وبئس المصير «بعد أن يقرأ عليهم جزءا من النص»، وحين يصبح أولئك الأطفال مراهقين، سيثورون في وجه الكبار في عملية إسقاط على من عذبهم وهم أطفال، وينفجرون بسبب أو بدون سبب، أو سيثورون في وجه من هم أصغر سنا؛ لأن القانون الذي تعلموه وهم يعذبون باسم التربية مفاده «الكبير يمكن له أن يعذب الصغير بالعكاز، ولا يحق للصغير أن يقول له: إني أكرهك، حتى لا يذهب للنار. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة