أصابت حالة من الصدمة والذهول عابري شارع أم القرى في حي الصفا في جدة الأسبوع الماضي، وهم يشاهدون رجلا في مقتبل العمر يلاحق آخر ويسدد له عدة طعنات في ظهره حتى سقط مضرجا بدمائه. ولم يكتف الجاني بطعن الضحية، بل قفز إلى رصيف الشارع أمام جثة غريمه ليتأكد من مقتله، ثم حاول الهرب من مسرح الجريمة، لكن ثلاثة عابرين لحقوا به وشلوا حركته منتزعين السكين من يده قبل تسليمه إلى الجهات الأمنية. الواقعة التي شهدها حي الصفا كشفت عن جريمة أخرى ارتكبها الجاني نفسه بطعن زميل له فارق على إثرها الحياة. وقال شهود عيان إن القاتل لم يترك جثة خصمه حتى هدأت أنفاسه وخرجت روحه، الأمر الذي أوحى أن الحادث الغريب الذي شهده الشارع يعود إلى رغبة انتقام وتشفٍ، لتكشف التحريات أن القتيلين المصريين سقطا بسبب خلاف حول فواتير واجبة السداد، وأن الغرفة التي شهدت بداية الجريمة انتهت بسقوط قتيلين على يد رجل من الجنسية ذاتها، ليتم على الفور اقتياده إلى شرطة الصفا لمعرفة دوافع جريمته. وأفاد الجاني في محاضر التحقيق أنه ضاق ذرعا بتعليقات رفاقه في السكن ومعايرتهم له بسبب قيمة فواتير متأخرة ظل يلح عليهم في سدادها. وأضاف المتهم في الاستجواب: دخلت إلى الغرفة فوجدت أحدهما، حدثت بيننا مشاحنة كلامية، فسددت إليه عدة طعنات قاتلة، أثناء ذلك سمعت طرقا على الباب فبادرت بفتحه ووجدت رفيقي الثاني أمامي وجها لوجه، ولما رأى القتيل وسط بركة من الدماء، ركض سريعا فلاحقته بسكيني في الشارع، وتمكنت من توجيه طعنتين إلى ظهره، ومع ذلك واصل ركضه وسط الشارع العام، فسقط وواصلت توجيه طعنات إلى صدره أصابته في مقتل. جرائم الوافدة جريمة القتل المروعة هذه تفتح ملف جرائم «الوافدة» على مصراعيه خاصة العمالة المخالفة لنظام العمل والإقامة بطريقة غير مشروعة، التي ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة لا سيما من الجنسية الآسيوية والبنغلاديشية على وجه خاص. في المدينةالمنورة انتشلت فرق الدفاع المدني في ربيع أول 1430ه جثث ثلاثة آسيويين عثر عليها داخل بئر بعد اختفاء دام ستة أشهر. وأشارت معلومات أولية إلى أن الآسيويين الثلاثة كانوا يترددون على شخص من جنسيتهم يسهل لهم الحصول على تأشيرات عمل لأقاربهم مقابل مبالغ كبيرة. وبدت جثث الآسيويين الثلاثة شبه متحللة تماما فضلا عن خروجها أشلاء متناثرة، فيما نجحت شرطة العيون بعد تحريات دقيقة في استدراج الجاني الذي يعمل حارسا في أحد المباني السكنية القريبة من موقع البئر التي عثر فيها على الجثث، في حين كان يجهز نفسه للسفر خارج المملكة بعد خمسة أيام. حيلة التأشيرات كانت شعبة التحريات والبحث الجنائي في المدينةالمنورة قد رصدت على مدى الأشهر الستة الماضية تغيب ثلاثة آسيويين، حيث توصل المحققون إلى أن مقيما من الجنسية ذاتها استدرجهم إلى مسكنه بحيلة منحهم تأشيرات قدوم لأقاربهم، وما أن وصل الثلاثة إلى مسكنه حتى انهال عليهم قتلا، واستحوذ على ما بحوزتهم من مبالغ، حيث تمكن بعد ذلك من وضعهم في أكياس بلاستيكية وإلقائهم داخل بئر يقدر عمقها بما يزيد على 22 مترا. وتمكنت شعبة التحريات والبحث الجنائي على مدى ثلاثة أشهر من استدراج الجاني بعد سفره إلى الباكستان، حيث تم إحضاره بالحيلة إلى المملكة والقبض عليه حال وصوله مطار الملك خالد الدولي في الرياض، وتم تسليمه إلى شرطة العقيق مصحوبا بالأدلة والقرائن. بغرض السرقة في حي الهنداوية الشعبي في جدة، استوقف صومالي سائق سيارة أجرة سودانيا طلب إيصاله إلى مقصد في أحد الأحياء الجنوبية، وعند بلوغه مقصده وفي أحد الأزقة المظلمة انقض الصومالي على السائق محاولا انتزاع محفظته وهاتفه، غير أن الأخير أحبط مخطط اللص ودخل الاثنان في شجار عنيف داخل المركبة، استغل الصومالي خفة حركته والتقط قطعة حديدية كان السائق المغدور يحتفظ بها داخل مركبته، وسدد ضربات قاتلة إلى رأس السائق الذي انهارت قواه وسقط متوفى بلا حراك أمام مقود سيارته، ووجد المتهم بغيته وأخذ مبلغ ال300 ريال وهاتفا من جيب ضحيته وتوارى عن الأنظار، لكن الجهات الأمنية تمكنت بعد التحري والتقصي القبض عليه في فترة وجيزة وأحالته للجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة حياله. راوده عن نفسه في حالة أخرى في مدينة الخبر في المنطقة الشرقية، أقدم مصري على قتل مقيم بريطاني يشاركه السكن نفسه يعملان في شركة واحدة أيضا، وكشف القاتل عن أسبابه ودوافعه للقتل أنه أقدم على فعلته دفاعا عن النفس بعد أن حاول المجني عليه الاعتداء عليه ومراودته عن نفسه، ومن خلال التحقيق والبحث الجنائي اتضح أن شجارا عنيفا وقع بين القاتل والمقتول في شقة الأخير، وحاول كل منهما تناول السكين من الآخر وقد أصيب القتيل بست طعنات قاتلة، في حين أصيب القاتل بقطع وريدي في يده، كما بينت التحقيقات أن المقتول أرسل رسالة لأحد أصدقائه من جواله قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يقول فيها «أنا في مشكلة» وذكر اسم القاتل. مشاجرة تنتهي بالقتل وقعت مشاجرة أمام مدرسة ثانوية خاصة في حي الشاطئ في جدة في 27/12/1427ه انتهت بقتل مقيم سوري، وفي التفاصيل يقول والد القتيل: كنت في عملي لحظة وقوع المصيبة حيث جاءني اتصال هاتفي من الأهل في العمل وأخبروني بأن منذر أصيب في حادث بجوار مدرسة ابنة عمه وأغمي عليه، وتم نقله إلى أحد المستشفيات الخاصة، حيث ذهبت وما أن دخلت لأسال عن حال ابني حتى فاجأوني بأنه توفي بعد أن تشاجر مع آخرين، فاستغربت ما حدث، فأنا أعرف عادات ابني جيدا فهو هادئ ولا يكاد يخرج من المنزل، فكيف يخرج ويتشاجر فأخبروني بأنه حضر بعد أن طلب منه ابن عمه الخروج لمساعدته بسبب اعتداء مجموعة من الشباب بالتلفظ على ابنة عمه، وعلى الفور خرج ولدي ليدافع عنها وعن ابن عمه، ولكن ما أن وصل إلى المدرسة حتى شاهد المجموعة التي تعدى عددها 14 شخصا يواجهون ابن عمه، فتحدث معهم ليتراجعوا ولكنهم بدلا من ذلك تعدوا عليه حيث تجمع ثلاثة منهم، وضربه أحدهم من الخلف بحجر فسقط والدماء تنزف من مؤخرة رأسه، وحمله أخوه إلى المستشفى، ولا نعلم ما حدث بعد ذلك، فقد شعرت أن الارض تهتز تحت قدمي فقد كنت أعد العدة لكي يغادرني ابني للخارج لإكمال دراسته في طب الأسنان وإذا به يغادر الحياة. ضغوطات الحياة والسؤال القائم: ما دوافع هؤلاء للقتل؟ وما أسباب انتشار ظاهرة القتل بين العمالة الوافدة؟ يعزو الدكتور محمد الحامد استشاري الطب النفسي أسباب انتشار الظاهرة للاغتراب الذي يعتبره من أشد الضغوطات النفسية التي قد تطرأ على نفسية الوافد أو المقيم، وتغيير نمط حياته ما يولد لديه حالة عدائية وعدم استقرار نفسي قد يؤدي في النهاية لإقدامه على فعل مشين لدرجة الانتحار. ويضيف حتى التكدس البشري الذي نراه ونسمع عنه بخصوص العمالة الوافدة سواء العمالة النظامية أو غير النظامية، فإنه يلعب دورا كبيرا في انتشار جرائم القتل وخاصة في المجمعات السكنية التي لا ترتقي للمستوى المطلوب للسكن الآدمي، ما يولد لدى الوافد أو المقيم حالة انفصام عقلية ذهانية تجعله في عصبية دائمة، بالإضافة لضغوطات الحياة، فلكل فرد حالة ضغوط ولكن لدى الوافد تكون مضاعفة قد تصل حد الإحباط وقد تؤدي لانفجار داخلي يؤثر عليه بشكل واسع، ما يجعله يتخذ أي قرار غير سليم ساعة غضب. ويرى الدكتور الحامد أن جانب التعليم لدى الوافدين له أهمية قصوى، فكلما كان مستوى التعليم لدى الوافد عاليا، ازداد استيعابه لضغوطات الحياة، وبالتالي ينعكس عليه إيجابيا ويجعله على قدر كبير من استيعاب الغربة واحتواء المشاكل التي قد تصادفه. ويتساءل الحامد: لماذا لا يكون هناك فحص عقلي ونفسي على العمالة الوافدة، مثلها مثل فحص الأمراض الأخرى مثل تحليل الدم والكبد والايدز وباقي التحاليل الأخرى التي تخولهم للعمل؛ لذلك لا بد على الجهات المعنية التركيز على جانب الفحص العقلي والنفسي للتأكد من سلامة تفكير الوافد واستقرار نفسيته لكي لا تؤثر عليه مستقبلا. من جانب آخر، يرى المتحدث الإعلامي في شرطة جدة العقيد مسفر الجعيد أن جرائم القتل بين العمالة الوافدة لم تصل لحد ظاهرة التفشي، بل هي حالات استثنائية وقليلة جدا، وكقطاع أمني، نبذل جهودا مضاعفة في السيطرة عليها بالتعاون مع الجهات المعنية في هذا الخصوص.