منذ أن جئت إلى هنا، كان أول عنوان انتهزني فابتكرته على عجل يدخل تحت مفهوم الاستعداء الثقافي بتداعيات الاستعراض الآيل إلى ضبط واقعه بإسنادها إلى جهة ذات اختصاص في حينه وتاريخه مع عدم وجود أي مسوغات أو مرفقات أو حتى قرائن من عدمه. هذه هي الفكرة .. وأما عن مستنداتها تاريخيا بما ينعكس على الراهن، فما يلي وصفه: كنت قد شرعت في طرح فرضيات على سبيل ماذا يمكن ولا يمكن للوهلة الأولى في ضوء أحداث لا علاقة لها بأبي فراس الحمداني الذي كان النادي الأدبي في الباحة يوشك على تناوله .. وبرغم أن أبا فراس الحمداني هو أساس كل المشاكل من وجهة نظري، ومع ذلك قلت لنفسي: لا يمكن لجهة ذات اختصاص أن تسند إليه ما لا علاقة له به!! غير أنني تناولت الموضوع وجاء الأستاذ هاشم الجحدلي لإدخال المقال قيد النشر ضمن شبكة عكاظ .. لأنني تقنيا غريب هنا الآن، ولا أفهم شيئا، ودخل الموضوع ولكنه ضاع في الداخل ولم يجدوا له أثرا، وفي اليوم التالي تطورت الأحداث، وخرج الموضوع من عهدة أبي فراس الحمداني إلى نطاق أكثر خصوصية وإحراجا. ثم إن قضية الدكتور الرباعي، ورئيس النادي السابق لم تتضح ملامحها وقتئذ، فيما كان (المحضر) يعمل وفقا لطرف ادعاء مقابل مدعى عليه. في اليوم الثاني اكتشفت أن جهاز الكمبيوتر الذي كنت أعمل عليه لم يكن على اتصال بالشبكة، وقلت لنفسي من شايفك ياللي في الظلام تغمز .. ولكنني إلى جانب ذلك كله كنت أتساءل هل يعقل أن تكون هناك بصمات وإجراءات على هامش أبي فراس الحمداني .. أيما كانت تداعيات النقاش بحضور أبي فراس من عدمه. وبغض النظر عما سبق ذكره، فقد كانت في حياة أبي فراس عقدة بثلاثة أبعاد فقد كان يحب الاستعراض على نحو فروسي وشعري وكانت لديه طموحات أميرية، وهكذا عاش حياته مشتتا، فلا هو بالذي أصبح أميرا، وسقط من حصانه فلم يستمتع كثيرا بفروسيته لأنها قادته إلى سجن أنهك معنوياته .. وعوضا عن هذا وذاك فقد بقي لنا منه الإنسان الشاعر. لقد كنت دوما على اعتقاد أن أبا فراس الحمداني أضاع نصف عمره، بدليل أن مراثيه هكذا سقما تقترب من البكائيات وتجلب النكد إلى إنسان يفترض أن يكون شعاره الحياة حلوة. لقد كان رائعا ولكن خياراته كانت لا تجلب الراحة إلى نفسه ولا إلى من يهمهم أمره من الداخل. فقد بقي في الأسر وأحس في قرارة نفسه أن ابن عمه الذي كان أميرا لحلب صامتا مع توافر القدرة إليه في إطلاق سراحه، وشخصيا أرى من سياقات على هذا النحو أن أبا فراس كانت تعوزه الحكمة مقابل العجلة في اتخاذ المواقف قبل نضجها من الداخل، وهكذا أيضا فقد أحب الاستعراض درجة الغطرسة .. وحتى عندما وقع في الأسر، ففي اعتقادي على غير ما هو آيل لمن كتب من المؤرخين عنه وحوله، كان على يقين بأن هناك من سوف يأتي على عجل لتخليصه .. وهكذا فقد ضاع عمره معتقدا بأن كل خطوة اتخذها كانت صحيحة ورائعة، فيما يؤكد لنا الواقع أن حياته الحقيقية لم تكن بأكثر من كابوس امتد لتأبيدة سنوات. كان الحصان خصمه وإلى الحمامة كانت مناجاته، وكانت الروميات جحيمه ونعيمه. وهكذا فقد كان هذا الرجل امتدادا لامرئ القيس، وكلاهما بسبب غياب الحكمة فقد لاقا نفس المصير ضياعا أو قتلا بحد السيف في مواجهة أو لنقل اغتيالا. إنها نفس عقدة تدمير الذات المتوافرة في حياة شخص مثل أبي الطيب المتنبي، فالناس يحبون المتنبي لاعتقادهم أنه فارس مثل جلمود صخر، ولكن الحقيقة الغائبة أن هذا الرجل الذي تؤول إليه مملكة الشعر قولا وتبيانا، لم يكن غير إنسان يبحث عن سلطة بحيث إذا ما توافرت إليه، يدمر عبر آلياتها من يقع من الضعفاء تحت يده. وهكذا انتهى به المطاف مطرودا من بلاط كافور ولاحقا بسبب وشاية أو دسيسة قتيلا سقط مثل من تزامن معه وسبقه. إنهم جميعا يشتركون في عقدة الاستعراض وفي القسوة على أنفسهم ومن قبل ومن بعد فقد عاشوا يستعدون القوي على من هو أقل عتادا ونفرا .. إنهم يضربون تحت الحزام، ويمارسون التحزب الخفي بغية إسقاط بعضهم بعضا. وفي النهاية لا نعرف كيف دخل أبو فراس السجن، لنترك الروايات التاريخية .. ونفكر بعمق: ربما وضعه ابن عمه على طبق جاهز من الفضة. وبهذه أو تلك . .ليس بالضرورة أن نستدعي الشرطة، وليس ما يستدعي لعمل الإجراءات .. إذا أردنا أن نفتح التحقيق، فلنبدأه كيف دخل السجن أبو فراس ومارس تأبيدة السبع سنوات. [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة