•• أهل مدينة جدة أناس طيبون ومسالمون وتجار .. وفلاسفة وأبناء سوق وحرفيون .. وبحارة .. وعطارة .. وشطار .. وفوق هذا هم أناس (يبان) على وجوههم الغنى .. ولا يبخلون على أنفسهم .. يركبون أفخم السيارات ويقطنون قصورا فارهة على شاطئ البحر .. ويرتدون أغلى الثياب .. ويذهبون إلى آخر الدنيا بحثا عن المرح والبزنس معا ولكنهم أينما ذهبوا تنعكس أمواج البحر في عيونهم .. وتغسل جباههم قطرات الندى ويحنون إلى العودة إلى مدينتهم التي تسكن تحت جلودهم .. فلا يطيقون الابتعاد عنها. •• وأهل مدينة جدة يحترفون المرح كإحدى وسائل الخلاص عندما تضيق عليهم الدنيا .. وهم يرددون دائما «جدة بيت الرخاء والشدة». •• وذات زمن مضى .. عندما كان الفقراء يملأون الأرض بالطول والعرض كانت جدة .. هي بيت الرخاء والعز والحضارة .. وقد قدر لي وفي وقت مبكر جدا أن أدخل بيوت الأغنياء لإجراء أحاديث صحافية مع بعض رجال الأعمال المميزين والأدباء والشعراء .. وبرغم مظاهر الترف التي رأيتها إلا أنهم يعيشون بأقل كلفة ممكنة .. لقد رأيت البيانو الآلة الموسيقية لأول مرة في بيت الأستاذ عزيز ضياء .. وآلة الأورج في بيت الأستاذ أسعد جمجوم .. وسمعت أحلى وأجمل أغاني عبد الوهاب في بيت الشيخ إبراهيم رضوان، وسمعت أغاني فيروز بأجمل صوت سعودي في بيت الشيخ أحمد بن حمد وكيل مكائن سنجر .. واقتنيت أول جهاز تسجيل (غالي الثمن) من بيت رجب وسلسلة وكلاء (فيلبس)، واشتريت أول دبلة خطوبة من عند نعيم فتيحي وهو ابن عم الأستاذ أحمد حسن فتيحي .. وهناك أسماء عديدة .. وكبيرة لا يتسع المجال لذكرها. •• هؤلاء هم أهل جدة الذين يصرون على أن يكونوا في مقدمة ركب الحضارة في كل زمن. هؤلاء الناس أصحاب ذوق رفيع ونفوس صافية وعيونهم مفتوحة على كل حضارة الدنيا تغلبوا على كل المعوقات شأنهم شأن كل مدن السواحل .. الذين استطاعوا أن ينصهروا مع حضارة هذا العالم ويتقبلوا عادات وتقاليد العديد من الشعوب الإسلامية. •• جدة هي كما نعلم بوابة الحرمين الشريفين يفد إليها الحجيج من كل أقطار العالم .. وبكل تأكيد كان لهذا أثره وتأثيره في حياتهم الاجتماعية. •• وعشق أهالي جدة لمدينتهم لا يماثله عشق .. ولهذا هم بتكاتفهم مع الدولة صنعوا تلك المنجزات العظيمة التي نراها أمام أعيننا .. فهم من صنع لهذه المدينة حليها وزينتها وتميزها .. والحفاظ على مكاسبها. •• لقد عرفوا منذ البدء طريقهم إلى حضارة الدنيا الواسعة .. مع تمسكهم بعاداتهم ومبادئهم الإسلامية النبيلة. •• وأهل جدة المسالمون والطيبون ينامون ويصحون ويلهون ويعملون والوطن تحت أجفانهم وحبهم لبلادهم في مسام أجسادهم .. ومن يعمل من أجل نهضة هذه البلاد ورقيها يحملونه فوق رؤوسهم .. ولكن عليه أن تسبق يده أيديهم .. وقلبه قلوبهم في حب هذا الوطن ووحدته وتلاحمه وتكاتفه. ومن يحسن عملا ويؤدي واجبه بإخلاص سيقولون له أحسنت، وعندما يسيء سيقولون له أسأت. •• لن نجامل أحدا على حساب بيتنا الكبير .. سنقف معه في موكب زفاف العروس .. إن هو قدر جمالها وأحسن معاملتها واختار عشرتها بالحب والمعروف .. والعمل الجاد الذي لا يعرف الوهن ولا الضعف .. ولا المداهنة .. ولا النفاق .. فجدة لا تحب إلا من يحبها ولا ترفع إلا من يرفع بنياها وحضارتها .. ويتلمس مواطن العطب فيها فيزيلها. •• مدينة جدة .. هي أكبر بكثير من كل الأشياء، إنها وطن .. والوطن يحتاج إلى البناء والعمل والسهر والتعب .. ولكن المدن العظيمة .. لا تنسى من يرفع اسمها .. إنها تخلد اسم من يحبها ويعمل من أجلها. •• وأهل جدة أناس متحمسون .. وعمليون وفي أحيان كثيرة متفائلون وإن كانوا حريصين في كلماتهم .. وثنائهم .. وهم يحسبون خطوات العريس الذي زف لمدينتهم .. ويفتحون أعينهم ويرصدون حركاته وأفكاره وأعماله .. وهم يملكون أيامهم وسعة بالهم ليروا ماذا يفعل هذا المسؤول أو ذاك من أجل مدينتهم، ومهر مدينة جدة سيكون غاليا .. ومرهقا .. وصعبا .. ولكنه عند الرجال ذوي العزم .. والطموح والمبادأة والابتكار والعمل .. لن يكون صعبا على الإطلاق. وعلى بركة الله أحمل عبئك .. واعمل من أجل مدينتك .. وأحبها أكثر لكي تحبك. ولا أزيد. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 254 مسافة ثم الرسالة