مع تطور المدنية الحديثة، تغيرت مع مرور الزمن طبيعة أعضاء جسم الإنسان على مر العصور، وصاحب ذلك الميل إلى المأكولات الخالية من النخالة، التي تفتقد للعناصر الغذائية مثل الألياف والمعادن العناصر المهمة التي يعتمد الجسم عليها في بناء الخلايا والقيام بالعمليات الحيوية. وأدى ذلك إلى بطء حركة الغذاء ومروره خلال الأمعاء الدقيقة والغليظة، وأصبحت الشكوى من الإمساك والإسهال سمة شائعة لا تكاد تخلو منها أسرة أو مجتمع. وأصبح الجميع يفكر في إبطاء سرعة الإسهال أو إسراع حركة الأمعاء من خلال العقاقير والأدوية الكيميائية التي تعمل من خلال عضلات الأمعاء، وتنامى عند البعض نظرية النظافة المفرطة وإبقاء خارج وداخل الكائن البشري في حالة معقمة، حتى أن بعض العلماء في هذا الشأن طرحوا فكرة التسمم الداخلي التي كان مفادها أن الفضلات التي تطرح في الأمعاء مرورا من براز وسوائل الجسم يتم امتصاصها في الدم وتؤدي إلى مشاكل صحية متنوعة، وهذه النظرية هي خالية من الصحة ولا تمت للواقع بصلة. وهناك من تمادى إلى نشر إعلانات تنصح باستعمال مشروبات ملينة ومواد مسهلة أو حقن شرجية تؤدي إلى إفراغ المعدة والأمعاء من محتوياتها أسبوعيا أو دوريا من خلال روتين معين ظنا منهم أن هذا النوع من العلاج يمنع امتصاص الجسم لمحتويات الأمعاء، وهذه المواد لم يتم التصريح عنها من قبل الجهات العالمية المختصة بالدواء والغذاء. ويقع فريسة مثل هذه الإعلانات مرضى الإمساك المزمن والأشخاص الذين لديهم أعراض بالبطن وتولد لديهم الاعتقاد بأن تناول هذه المواد يؤدي إلى شطف أو غسل داخلي للأمعاء أو القولون. وعلى الرغم من أن المكونات الفعلية لهذه المواد قد تتضمن مواد عشبية نافعة مثل أوراق الخرشوف، النبق المسهل، زهور البابونج، الزنجبيل، العرقسوس، الكركم، وأوراق نبات الصبار البرية.. تبدو لنا جميعا مواد آمنة ويستخدمها الجميع، إلا أنه لم ينصح باستعمالها بهدف وغرض إحداث إسهال شديد قد يؤدي لمن استعمل هذه المستحضرات إلى جفاف حاد ويعرض نفسه إلى خطر التسمم وتأثير المواد الحافظة لها إلى تأثيرات جانبية على الكبد والكلى. بل من الغريب أيضا استعمال حقن مسحوق القهوة بغرض تحسين الدورة الدموية للكبد وزيادة قدرة الكبد للتخلص من السموم. أنوه في هذا الجانب أن المجلة الدورية الصادرة من الجمعية الأمريكية لأمراض الجهاز الهضمي في عدد شهر نوفمبر لعام 2009 استعرضت في مسح إحصائي منظم الدراسات التي أجريت لغرض غسل القولون، التي احتوت على العديد من الدراسات، ومنها ذات المحتوى العلمي المفيد، ومنها الدراسات التي لا ترقى إلى المحتوى العلمي الإحصائي المقبول. خلاصة القول: إن هذا النوع من العناية الطبية الدوائية لا ينصح بإجرائه، ويجب عدم الخوض فيه لافتقاره إلى عامل السلامة الطبية المقبولة. وخير ما أنصح به هو ضرورة استشارة الأطباء والطبيبات المختصين قبل الخوض في أدوية أو مستحضرات خارجة عن المألوف، ولا يتم تداولها بشكل دائم وظاهر للعيان. * أستاذ مساعد واستشاري الجهاز الهضمي في جامعة أم القرى