كان معظم الرجال في الأزمنة الماضية أكثر واقعية وأفضل تدبرا وتعاملا مع مراحل العمر وقد قادتهم تلك الواقعية والتدبر والتعامل المناسب مع الشيب والشيخوخة إلى القناعة التامة بأن لكل مرحلة من العمر مواصفاتها ومزاياها وأن الشباب هو الشباب وأن ما بعده يعني أن على صاحبه عدم التصابي ومغالطة الواقع وإلا أصبح محل سخرية وتندر من الآخرين وفي مقدمتهم الصبايا الحسان لاسيما إن صاحب التقدم في السن ضعف في الصحة وقلة في المال، فنرى الواحد منهم يعوض عن لذة المعاشرة بالجلوس إلى الرجال القريبين منه في العمر لإمضاء الوقت بتبادل الذكريات والأحاديث وربما يحضر مجلسهم شباب فيسمعون منهم ما حصل في أزمنة غابرة ويستفيدون من حكمة الشيوخ وتجاربهم بما يعينهم على مواجهة تكاليف الحياة! ثم جاء الزمن الذي أصبح فيه التصابي سمة عامة من سمات الرجل المعاصر لا من حيث الشكل الخارجي وتخضيب بياض الشعر بسواد أو لون مقارب له، بل بكل ما تعنيه كلمة التصابي من معنى فترى الواحد منهم وقد اكتهل أو شاخ وهو يتلوى ويغنج ويطارد في شوارع العالم والأسواق الحسان ويرسل لهن إشارات العشق والغرام وكأنه مراهق في بداية سن الطيش والنزوات، ولو ذكر بأن مثل هذه الأفعال «لا تليق به فإنه يتضايق ويكتئب وقد يحقد على من ذكره بأنه لم يعد أهلا لما يقوم به من حركات «قرعاء» لأنه يريد أن ينسى واقعه وأن السنين قد زحفت عليه وأن الزمن قد أناخ بكلكله على هامته وصدره، ولكن لا فائدة من التصابي لأن الشباب لن يعود حتى لو تمنى الإنسان عودته، والعاقل من يساير الواقع ولا يركض وراء الأوهام. وقال شعراء واقعيون من الزمن الماضي مجسدين واقعيتهم في تعاملهم مع الشيب وتعامل الناس لاسيما النساء مع صاحبه أبياتا عديدة، منها قول الشاعر: فإن تسألوني بالنساء فإنني عليم بأحوال النساء نجيب إذا قل مال المرء أو شاب رأسه فليس له في ودهن نصيب! وقال شاعر معاصر: يا بنت عشرين والأيام مقبلة ماذا تريدين مني بعد سبعيني؟!. وكان الشاعر يخادع نفسه ويتوهم أن صبية في العشرين تطارده وتتحرش به وهو على عتبة الثمانين!!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة