كاد التاريخ ينسى وعاشقوه أن يدفنوا ولما يدرك بهم أثر. حتى قيض الله الأمير المثقف المؤرخ سلمان بن عبد العزيز فأحيا ذكر المؤرخين واحتفى بنتاجهم ونشرت كتبهم وحفظت حقوقهم وعدت آثارهم وكرم أفرادهم رجالا ونساء. لا أعتقد أن الاحتفائية التكريمية المقامة الأحد المقبل في توزيع جوائز الرواد والمؤرخين والمهتمين بالتاريخ في الجزيرة العربية عبر منحة الأمير سلمان بن عبد العزيز يمكن أن تمر بلا وقفة احترام وتقدير لراعي الجائزة ومتبنيها. والمتتبع لأحوال التاريخ والمؤرخين يدرك أنه قبيل سنوات كان الناس يبحثون عن بعض أوراق المؤرخين وكتب نفدت من الأسواق ولما تجد من يعيد طباعتها. حتى انبرت دارة الملك عبد العزيز لحفظ التاريخ والعناية به بحثا وتدوينا ونشرا وتوزيعا. كنت أتساءل مع بعض مسؤولي دارة الملك عبد العزيز عن ضرورة وضع ضوابط في التوزيع والإهداء حتى لا تضيع قيمة هذه المنشورات المتميزة التي عكفت الدارة ونهضت بمسؤولية نشرها. وأن عهد التوزيع الحالي سوف يقضي على القيمة العلمية للكتاب واقتنائه. وقبل أن أخوض في احتفالية الرواد أود أن أهمس للجنة الجائزة أن لو كان الاختيار لشخصية واحدة كل عام بدلا من أربع شخصيات سنوية وهذا يتوازى مع خط الجوائز التي تحتفي بشخصية رائدة سنوية. أعود للحديث عن تكريم الرواد الذي ينعقد هذا العام في دورته الثانية حيث وقع الاختيار على شخصيات علمية رائدة في البحث والتأليف والتدوين يقع في هرمها شيخ المؤلفين وعميد الرحالين المؤرخ النسابة الشيخ محمد العبودي والذي جاءت مسوغات اختياره نظير جهوده في التأليف وتتبعه الدقيق لجهود المملكة في مجال الدعوة الإسلامية والمساعدات الإسلامية وتدوين ذلك بدقة من خلال كتبه في الرحلات. إضافة إلى رصده الببلوجرافي الممزوج بالرصد التاريخي لكثير من الأماكن في المملكة وبخاصة في معجم بلاد القصيم الجغرافي الذي أنشأه في ستة مجلدات. كما أن جهوده في المأثورات الشعبية والأمثال العامية وعنايته بالتاريخ لعدد من الشخصيات الشعبية. والعلامة العبودي الحديث عنه يعود إلى بحور من العلوم متزاحمة حيث تأبط علوما وفنونا عديدة فكتب في الدعوة والتاريخ والجغرافيا والأدب والقصة واللغة والأمثال والأنساب وجمعيها أبدع فيها. مما يمثل معا أنموذجا مثاليا للمؤلف والباحث السعودي الذي يعيد أمجاد وذكر المؤلفين الأوائل في سعة علومهم وكثرة فنونهم. إن الحديث عن العلامة العبودي وجهوده العلمية يحتاج إلى مجلدات ومدونات. لكن هذه الوفائية من قبل الدارة واحتفاءها بمعاليه تؤكد أن الباحث محل اهتمام ورعاية من الدولة المباركة وعلى رأسها راعي المثقفين وأمير المؤرخين. أما الشخصيات الرائدة الآخرى فهي تستحق بلا شك الاحتفاء والتقدير فالشيخ محمد بن عبد الله الحميد رمز ثقافي وراوية متميز ومحقق مجيد في تاريخ عسير ومشاركته في تحقيق كتاب «إمتاع السامر» دليل على سعة ودقة معلوماته التاريخية والجغرافية والأدبية. وكذلك الدكتور أحمد عمر زيلعي صاحب الخلق الرفيع والبحث الدقيق والذي كان له إسهامه الرئيس في قيام جمعية التاريخ والآثار في دول مجلس التعاون. أما الأستاذ القدير الصامت المتواري عن الأنظار عبد الرحمن السويدا فهو قد عكف على دراسات وبحوث قيمة عن منطقة حائل وقدم إبداعا ظل غائبا عن أنظار المهتمين حتى قيض الله الدارة التي لا تغيب عنها أنظار الجادين والمهتمين أمثال الأستاذ السويدا. إنها إحيائية رائعة للتاريخ وعاشقيه حتى المرأة والشباب نالهم نصيبهم من الاحتفاء في مشاعر وطنية صادقة تعيد للتاريخ وهجه وللباحث مكانته فشكرا للدارة وراعيها الأمير سلمان على احتفالية الرواد. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 253 مسافة ثم الرسالة