أوضح نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العلامة الدكتور عبد الله بن بيه أن الغرب «بدأ ينكب على دراسة المعاملات المصرفية الإسلامية»، مشيرا إلى أنهم «قدموا بحوثا جيدة حول هذا الموضوع»، داعيا حكومات الدول الإسلامية سن القوانين والأنظمة الملائمة للمصرفية الإسلامية؛ بهدف مواكبة النمو المطرد لها. وحدد الدكتور بن بيه في محاضرته في «مؤتمر المصرفية الإسلامية في غرب أفريقيا»، الذي أقيم أخيرا في السنغال، خمسة أسباب للاهتمام الغربي بالمصرفية الإسلامية، هي: عدم وجود اقتصاد أخلاقي ديني له مصداقيته على وجه الأرض اليوم إلا في الإسلام، العقلانية التي يتمتع بها الاقتصاد الإسلامي الذي يعد حصيلة اجتهاد دؤوب في قراءة النص المقدس وملاحظة التجارب الإنسانية وإن كانت أصوله وثوابته وحيا سماويا على النبي صلى الله عليه وسلم، وجود مليارات الدولارات في البنوك الإسلامية حاليا، أن التشريع الإسلامي يتفق مع النظام الرأسمالي، وأنه نظام متوازن. وتطرق الدكتور بن بيه إلى مظاهر التوازن في الاقتصاد الإسلامي، مشيرا إلى أنها تبرز في تسعة أمور: التوازن بين النقود وبين السلع في السوق، التوازن في الانتفاع بالمال وبين الفئات الفقيرة والفئات الغنية لإيجاد حد أدنى من التكافل في المجتمع، التوازن بين حرية التعاقد واحترام النظام العام الذي يمنع الربا والغش والقمار، التوازن بين الملكية الخاصة وحق المجتمع في الملكية، التوازن بين الاستهلاك والإمساك، التوازن بين الاستهلاك والادخار، التوازن في الحصول على الربح بين الربح الحلال والربح الربوي الذي يسيء إلى المجتمع، التوازن بين جواز بيع الموجودات ومنع بيع ما ليس عندك وإباحة السلم مراعاة للحاجات، والتوازن في إقرار مبدأ الوضوح والشفافية. وتوجه الدكتور بن بيه بسؤال إلى البنوك الإسلامية حول قدرتها في بناء سياسات تحقق النماء وتجلب الازدهار، وآخر للفقهاء حول استعدادهم لاختراع أدوات الاستنباط الفقهي لتوسيع أوعية الاستثمار وإيجاد صياغات كفؤة تستوعب كل ما دلت عليه الشريعة نصوصا ومقاصد وجزئيات وقواعد لتعميق الفهم وتوسيع دائرة الفقه محافظة على الخصوصية والميزة الشرعية وانفتاحا على الأدوات المعاصرة والفنيات الاقتصادية والمالية لضمان النجاعة الفاعلية. وطالب الدكتور بن بيه البنوك الإسلامية بتجاوز المثال الغربي لخلق أنواع من المعاملات من مشاركات ومضاربات وسلم ومزارعة واستصناع وإجارات وتأمين تكافلي، مستفيدة في الوقت نفسه من النظام الغربي في الانضباط والمراقبة والمحاسبة، وإيجاد آليات تسمح للدولة أن تضمن حسن سير هذه المؤسسات، مما يكفل المحافظة على وضع الاقتصاد الكلي للبلاد، وتقويم الأداء بشفافية ووضوح، وهو ما يعتبر مبدأ ومقصدا من مقاصد الشريعة الخمسة في المعاملات المالية، كما يشير إليه الطاهر بن عاشور في كتابه «المقاصد». كما دعا لإعداد الوسائل لخلق الثروة وحسن تداولها لإيجاد مجتمع الرفاه الروحي والمادي الذي تبحث عنه الأمم وتطمح إليه الشعوب.