لدينا الآن عشرات الجامعات بكلياتها وتخصصاتها المتعددة، وهي تضم عشرات الألوف من الطلبة والطالبات، وهذا أمر مفرح لأن التنمية في الإنسان هي غاية وهدف، ومملكتنا تحتاج إلى أبنائها المؤهلين من خلال مسيرتها التنموية الشاملة.. وهنا لابد من القول إن هذه الجامعات وخصوصا ما أنشئ منها قبل سنوات منذ بداية الطفرة.. وكان الخريجون من التخصصات النظرية يفوقون عددا أولئك الخريجين من التخصصات العلمية مثل الأطباء والمهندسين وخريجي العلوم والمحاسبة والقانون وغيرهم.. وكانت فرص العمل والاحتياج تستوعب كل الخريجين من الكليات النظرية والعلمية.. ومع استمرار خريجي الكليات النظرية وصل العدد إلى أضعاف احتياجنا الوظيفي، مما شكل عبئا على الأسر والمجتمع، أمام تضاؤل الفرص الوظيفية لهؤلاء الخريجين، ونشأت معه ظاهرة البطالة بكل سلبياتها.. ولذا فإنني أعتقد أنه آن الأوان لترشيد التعليم الجامعي.. فنبقى على التخصصات التي تحتاجها بلادنا ونغلق التخصصات النظرية أو نقلل منها إلى الحد الأدنى إلى أن نصل إلى الإغلاق.. والترشيد الجامعي في القبول سيدفع بطلابنا وطالباتنا إلى التخصصات العلمية التي نحتاجها فعلا.. ونحن لازلنا تحتاج إلى مزيد من الأطباء والصيادلة والعلوم الطبية المساعدة والمهندسين والمهنيين وتخصصات القانون والمحاسبة والإدارة المالية وغيرها.. إن خريجي الثانوية العامة يحتارون كثيرا في اختيار التخصص الذي يتناسب مع قدراتهم واستعدادهم الذهني، ووجود كل التخصصات النظرية والعملية يشتت عقولهم ويزيدهم حيرة عند اختيار التخصص.. لكن عندما نحقق الترشيد في اختيار وتحديد التخصصات المطلوية فإننا نساعد أبناءنا وبناتنا على تحديد الاختيار الذي سيساعدهم بعد التخرج في الحصول على الفرص الوظيفية المتاحة وما أكثرها. إنني أتمنى فعلا من المجلس الأعلى للجامعات أن يسعى إلى تحقيق الترشيد الجامعي تخصصا وقبولا لمختلف الجامعات المنتشرة في جميع مناطق المملكة.. مع التمنيات الصادقة لكل أبنائنا وبناتنا بالتوفيق سعيا وراء مستقبل باهر.