ما زالت ذاكرة التسعيني يحيى حكمي، من قرية (أبو الرديف) التي بدأ إخلاؤها ضمن عدد من القرى التابعة لمركز القفل، تختزل الكثير من الذكريات، وهي القرية التي عاش في رحابها تسعة عقود كاملة لم يغادرها ولو للحظات باعتبارها معشوقته التي أحبها وأحبته. وحكمي يختزن الكثير عن جبل «جحفان» الذي يطل على قريته ويلامس الشريط الحدودي مباشرة، ففي هذه البقعة من الأرض كان يقضي الأيام والسنوات الطوال وحيدا مع أغنامه يناجيها وتناجيه، لأن وقتها لم تكن الخدمات متوافرة ولم تشهد التقنية الحديثة مثل أجهزة الجوال أو التلفاز وحتى السيارات طريقها إلى قريته. ويقول حكمي «في الماضي، كنت أغادر في الصباح الباكر متسلحا ببندقيتي لأحمي بها أغنامي من الذئاب، كذلك لحماية نفسي من المتسللين أو الأعداء»، ويضيف «كنت أتجه بعد إعادة أغنامي في الظهيرة إلى المزرعة لسقي المزروعات التي تشتهر بها قريتي من الذرة والقمح، لأبقى في مزرعتي حتى المساء، ثم أعود إلى منزلي وأتناول ما يتوافر لدي من الطعام، ومن ثم أخلد للنوم لأبدأ رحلتي اليومية من جديد».