رجحت مصادر يمنية مقتل أمير تنظيم القاعدة اليمني ناصر الوحيشي ونائبه السعودي سعيد الشهري في غارة كانت قد شنتها قوى الأمن واستهدفت تجمعا لعناصر التنظيم في وادي رفض في محافظة شبوة في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي. الترجيحات تستند إلى مصير جثتي الوحيشي والشهري ضمن ثلاث جثث اختفت من الموقع المستهدف بالغارة، إضافة إلى صمت التنظيم الإرهابي وعدم نشر أي بيان له على شبكة الإنترنت عن نتائج الغارة على نحو غير مألوف. وأبلغت «عكاظ» المصادر اليمنية في اتصال هاتفي أمس: «الأرجح أن الوحيشي والشهري قتلا في تلك الغارة، لكن السلطات لم تتمكن من الوصول لجثتيهما، ما يؤكد أن اتباعهما قد أخفوها أو دفنوها في مكان ما، وما يعزز ذلك صمت التنظيم الإرهابي إصدار أي بيان يوضح فيه مصير الوحيشي والشهري». غارة مدمرة في السياق ذاته، وصف خبير استراتيجي في مكافحة الإرهاب كان يتحدث ل «عكاظ» هاتفيا أمس، عن أن الغارة التي شنها الأمن اليمني على تجمع للقاعدة في وادي رفض أنها «مدمرة بالنظر إلى جثث القتلى إذ لم تكن متكاملة وكانت معظمها أشلاء مختلطة، ما جعل مهمة العثور أو التعرف عليها أمرا صعبا». ولم يستبعد في الوقت نفسه تعمد عناصر القاعدة في اليمن دفن القياديين الوحيشي والشهري في مكان تم بمعرفتهم. وكانت القوات اليمنية قد شنت غارة صاروخية وصفت ب «الأعنف»، واستهدفت تجمعا لقيادات وعناصر تنظيم القاعدة في منطقة جبلية معزولة في وادي رفض في محافظة شبوة يوم الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي كان من بينهم أمير القاعدة ونائبه، وأسفرت عن مقتل 34 من عناصر التنظيم. ونقل عن مسؤولين أمنيين يمنيين القول حينها: إن جثثا ل 15 قتيلا في موقع الغارة لم يتم التعرف عليها لعدم وضوح معالمها، بل إنها كانت عبارة عن أشلاء. مأزق القاعدة ودرج تنظيم القاعدة على إخفاء أنباء سقوط قياداته خشية تثبيط معنويات عناصره، خصوصا الميدانيين منهم، وإذا ما تأكد بشكل قاطع مقتل الوحيشي والشهري فإن قاعدة اليمن ستكون في مأزق حرج جدا وهو ما ستكشف عنه التطورات المنظورة، في الوقت الذي يرى فيه مراقبون أن القاعدة ربما تريثت في الإعلان عن مقتل القياديين إلى حين تنصيب أمير جديد لها خلفا للوحيشي ونائبا له خلفا للشهري درءا لحدوث خلافات أو انقسامات تؤدي إلى تمزق القاعدة بعد غياب قيادييها. أمريكا واليمن في هذه الأثناء، نقل عن مستشار الأمن القومي الأمريكي الفريق أول جيمس جونز تأكيده على أن الولاياتالمتحدة لن ترسل أيا من جنودها إلى اليمن التي تقود حربا على المتمردين الحوثيين وتنظيم القاعدة الإرهابي. تأكيدات المسؤول الأمريكي جاءت في أعقاب زيارته للمملكة يوم الإثنين الماضي واستغرقت يومين، وتزامن ذلك مع ترحيب يمني بأي مساعدات تقنية ومعلوماتية وفنية في حربها على القاعدة. نتائج باهرة على صعيد ذي صلة، أفصح محافظ مأرب اليمنية ناجي علي الزايدي عن رصد أمني لقيادات في تنظيم القاعدة في اليمن تتنقل في مثلث أبين، شبوة، ومأرب «ووجود خطة أمنية محكمة للوصول إلى قيادات وعناصر التنظيم الإرهابي»، فضل عدم الحديث عن تفاصيلها. وأفاد الزايدي في حديث هاتفي مع «عكاظ» أن قوات أمن بلاده في المحافظات الثلاث تنفذ حاليا عمليات ملاحقة وتعقب لعناصر القاعدة، على رغم اعترافه بنجاحها في محاولة التخفي والانتقال من مكان إلى آخر في المثلث المشار إليه «أنا على ثقة كبيرة بأن عملياتنا الأمنية الراهنة ستسفر عن تحقيق تقدم باهر لجهة الوصول لقيادات القاعدة وعناصرها، وهذه النتائج لن تكون أقل من الضربات الاستباقية التي تحققت إن لم تفقها». أسلحة القاعدة ولفت الزايدي إلى أن عناصر القاعدة في اليمن يستخدمون في تنقلاتهم أسلحة رشاشة من نوع كلاشنكوف وقنابل يدوية وقذائف آر. بي جي، ويلجأون للمناطق الصحراوية تارة والجبال تارة أخرى عند محاولة فرارهم لتخفيهم عن أنظار رجال الأمن. مستدركا بأن جميع اليمنيين سيكونون بالمرصاد للقاعدة وغيرها من العابثين بأمن البلاد. واعتبر محافظ مأرب اعترافات النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب منفذ محاولة تفجير طائرة الركاب الأمريكية من وجود 20 انتحاريا في اليمن تدربوا على استخدام نفس تقنيته لتفجير الطائرات، أنها لا تعدو أن تكون مزايدات، وهو ما شكك فيه خبراء في مكافحة الإرهاب. وهنا يؤكد نائب رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور مصطفى العاني ل «عكاظ» أن رواية عبد المطلب للمحققين غير صحيحة «إذا ماكان لتنظيم القاعدة في اليمن هذا العدد من الانتحاريين فإنه من المستحيل أن تجمعهم في مكان واحد، ولا يمكن لأي أحد أن يعلم عنهم شيئا بما في ذلك عبد المطلب نفسه، تجنبا لملاحقتهم أمنيا والوصول إليهم إذا ما تسربت». وكان النيجيري عمر الفاروق قد اعترف للمحققين الأمريكيين بوجود 20 انتحاريا تدربوا في اليمن على تنفيذ هجمات مماثلة لتلك التي فشل هو في تنفيذها لتفجير طائرة ركاب أمريكية في رحلة من أمستردام إلى ديترويت يوم الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي. وأوضح العاني «ربما أراد عبد المطلب تضليل المحققين، ولا أعتقد أن تنظيم القاعدة أطلعه على مثل هذه المعلومات فهي ستكشف مخططاته إذا كان ينوي تنفيذها». سقوط 60 ميدانيا، أوضحت مصادر حكومية يمنية أن نحو 60 عنصرا من أعضاء تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن سقطوا منذ اندلاع العمليات في محافظات أبين، العاصمة، أرحب، عمران، والحديدة. وقدرت المصادر عدد أعضاء القاعدة في اليمن ما بين 150 عنصرا وهذا العدد لا يشمل المنظرين والداعمين والممولين، إنما المسلحين الذين تم تدريبهم على تنفيذ عمليات إرهابية في الوقت الذي لا يزال فيه مصير عائلة الرجل الثاني في التنظيم سعيد الشهري المكونة من زوجته وفاء الشهري وأطفالها الثلاثة مجهولا وغامضا.