أعلنت الحكومة اليمنية أمس أنها قتلت أكثر من 30 عضوا في «القاعدة»، بينهم عناصر قيادية، في غارات جوية استهدفت اجتماعاً بقيادة «أمير» التنظيم ناصر الوحيشي ونائبه السعودي سعيد الشهري في محافظة شبوة (جنوب شرقي البلاد). وذلك في ثاني أكبر عملية تنفذها وحدات خاصة في الجيش اليمني خلال أسبوع تستهدف الناشطين في «القاعدة» في اليمن. وفيما لم تؤكد أي مصادر رسمية مقتل أمير التنظيم أو نائبه، أكد شهود ل»الحياة» أنهم تعرفوا على جثة اثنين من قيادات التنظيم قتلا في الغارة، هما صالح الدغاري، ومحمد أحمد صالح عمير الذي ظهر قبل أيام في شريط مصور، مخاطباً حشداً من المتظاهرين وأنصار «القاعدة» في محافظة أبين، مهدداً بالانتقام لقتلى الغارات الجوية على منطقة المحفد نهاية الأسبوع الماضي. وأكد الشهود مقتل ستة من مرافقي عمير، فيما نفى أحد أقارب رجل الدين اليمني المتشدد أنور العولقي، في تصريح ل الى «الحياة» عبر الهاتف، صحة ما تردد عن مقتل العولقي او اصابته. وقالت مصادر في محافظة شبوة إن الغارات الجوية استهدفت مزرعة لأحد قيادات «القاعدة» في منطقة رفض في مديرية الصعيد ( 55 كيلومترا جنوب عتق عاصمة محافظة شبوة)، وأدت إلى اندلاع حريق هائل في المزرعة. وأشارت إلى أن الغارات وقعت بينما كانت قياديون في التنظيم يعقدون اجتماعاً للتخطيط لعمليات انتقامية على الغارات التي استهدفت مراكز وتجمعات ل «القاعدة» في أرحب وأبين وأمانة العاصمة الخميس الماضي، وأدت إلى مقتل 34 عنصرا من التنظيم والقبض على 29 آخرين. وكان مصدر في اللجنة الأمنية اليمنية العليا ان القوات الجوية اليمنية قامت فجر أمس «بتوجيه ضربة استباقية لأحد الأوكار الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة في منطقة رفض بمديرية الصعيد بمحافظة شبوة»، مشيراً إلى أن عناصر التنظيم كانت «تعقد اجتماعا لها بحضور الإرهابيين ناصر الوحيشي والسعودي الجنسية سعيد الشهري في المنطقة للتخطيط وتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف عددا من المصالح اليمنية والأجنبية ومنشآت اقتصادية هامة والتخطيط لاستهداف قيادات عسكرية وأمنية». إلى ذلك، أكد محافظ شبوة اليمنية الدكتور علي الأحمدي ل»الحياة»، أن الوحيشي والشهري كانا في الموقع الذي قصف في غارة جوية نفذتها القوات اليمنية في منطقة جبلية نائية في محافظة شبوة (650 كلم شرق صنعاء) أمس، مشيراً إلى أن سيارتين من التنظيم أسعفتا المصابين في الموقع واتجهتا نحو مدينة عدن. وأوضح الأحمدي، في اتصال هاتفي مع «الحياة» أمس، أن عدد القتلى يتراوح بين 34 و44 من جنسيات يمنية وسعودية ومصرية، من بينهم أحد القياديين اليمنيين في التنظيم، ويدعى عبدالمنعم البطحاني الذي هرب من محافظة أبين إلى شبوة، بعد غارة جوية نفذها الجيش اليمني منذ سبعة أيام. فيما أشار المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي ل «الحياة» أن السلطات الأمنية تعمل على التحقق من صحة أسماء مطلوبين سعوديين في تنظيم «القاعدة» كانوا بين القتلى في الغارة الجوية صباح أمس. وذكر محافظ شبوة إلى أن موقع القصف كان في منطقة نائية في الجبال الوعرة، بحيث أبلغ المواطنون اليمنيون عن وجود عناصر التنظيم يتنقلون بشكل شبه علني بين جبال محافظات مأرب وأبين وشبوة، وعلى الفور أغلق التنظيم الموقع بعد القصف أمام المواطنين. وأضاف: «تسلم المواطنون في المحافظة جثث أبنائهم، وعددهم ستة أشخاص ينتمون إلى تنظيم القاعدة، ومن بينهم اليمني محمد أحمد عمير، الذي ظهر في مقطع مرئي في تجمع في محافظة أبين». وقال الأحمدي أن الجهات الأمنية بعد القصف لم تستطع الوصول إلى المنطقة النائية بسبب وعورة الجبال، خصوصاً أن عناصر من التنظيم انضموا إلى زملائهم لإغلاق الموقع، حتى يتمكّنوا من الهروب من الموقع ودفن جثث القتلى. في موازاة ذلك، عززت أجهزة الأمن اليمنية إجراءاتها لحماية المصالح والمنشآت الأجنبية وحراسة شخصيات حكومية وأمنية وعسكرية، تحسبا لأي عمليات انتقامية هدد بتنفيذها التنظيم، خصوصاً أن هذه العمليات نفذتها الحكومة اليمنية بتنسيق امني مع الولاياتالمتحدة. وكشفت العملية الأولى في محافظة أبين عن علاقة بين «القاعدة» وجماعات «الحراك الجنوبي» التي حركت تظاهرات عديدة احتجاجاً على مقتل مدنيين في محافظة أبين في الغارات السابقة، خاصة وأن قيادات في «الحراك» تنفي وجود أي نشاط للتنظيم في أبين أو في منطقة المحفد الذي استهدفها القصف نهاية الأسبوع الماضي. وتزامنت العملية في محافظة شبوة مع تسليم وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي أول من أمس رسالة من الرئيس علي عبدالله صالح إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لم يكشف مضمونها، فيما أعلنت صنعاء أمس أن القربي سيزور واشنطن الشهر المقبل للبحث التعاون الأمني، وخاصة تعزيز التنسيق المشترك لمكافحة الإرهاب وطلب مساعدات جديدة من واشنطن للحكومة اليمنية تتعلق بهذا الشأن. من جهة أخرى، أكدت ل»الحياة» مصادر محلية بمحافظة صعدة بأن المتمردين «الحوثيين» كثفوا من استخدام المدنيين من أطفال ونساء وعزل كدروع بشرية في مواجهة القوات الحكومية في مديرية رازح ومناطق أخرى، في وقت كثفت وحدات من الجيش اليمني هجماتها ضد مواقع المتمردين. وأعلنت السلطات اليمنية أنها قتلت خلال الساعات الماضية العشرات منهم، بينهم قيادات ميدانية، في رازح وساقين وخميس محور و جبل البصلي ووهبان والدرب ووادعة بصعدة، وقصفت مواقعهم في تبة النصر وخط الجوف ومثلث برط بمنطقة حرف سفيان. كما دمرت العديد من الآليات العسكرية للمتمردين، بالإضافة إلى تدمير 13 سيارة كانت تحمل أسلحة ومؤناً.