مع بزوغ فجر أمس، بدأت آليات ومعدات في إزالة العقارات الواقعة ضمن المرحلة الأولى من مشروع الطريق الموازي الذي يعد نواة أولى أطلقها أمير منطقة مكةالمكرمة للقضاء على العشوائيات في المدينة المقدسة. وأكد المهندس محمد القناوي المدير العام لشركة أم القرى المنفذة للمشروع ل «عكاظ» انطلاق أعمال إزالة العقارات على أرض الواقع، مضيفا «سنسير وفق الجدول الزمني المحدد، وخلال ستة أشهر سنزيل 1075 عقارا واقعة ضمن المرحلة الأولى من المشروع». وأوضح القناوي أن ملاك العقارات جميعهم متفائلون بالتغيير ومدركون لحجم وأهمية هذا المشروع ويساهمون بفاعلية في إنهاء إجراءات عقاراتهم تمهيدا لإزالتها، مشددا على أن أعمال الإزالة لن يكون فيها تأخير وستتم في الموعد المحدد لها والمقرر بأسبوعين كحد أقصي من موعد فصل الخدمات. على بعد أمتار قليلة من المسجد الحرام ومشروعي وقف الملك عبد العزيز وجبل عمر، انطلقت أمس أعمال تأسيس مرحلة جديدة نحو العالم الأول أساسها طمس العشوائية وإظهار الوجه الناصع لمكةالمكرمة وساكنها. ولم يكن الأمس يوما عاديا فعلى دكة مكتب عقار متهالك جلس مسنان يرقبان في صمت خطوة الأفق الجديد في طلعة الحفاير التي ظلت سنوات طويلة تئن تحت وطأة العشوائيات. تلك العيون التي أصابها العشى مع تقدم السن كانت الصورة بين أهدابها واضحة جلية كالشمس في رابعة النهار، حيث أيقنت أن التغيير بدأت عجلته وهو قادم لا محالة، وأن العمل التطويري للمنطقة قد شرع مع إزالة أول عقار من ال 41 عقارا من المرحلة الأولى لمشروع طريق الملك عبد العزيز ما جعل أهالي الحي يودعون مرحلة ماضية ويستقبلون مرحلة جديدة يستشرفون فيها الأمل المشرق. تلك الصورة كانت واحدة من صور فراق العشوائيات في طلعة الحفاير عندما جلس محمد هوساوي وموسى هوساوي على دكة مكتب عقار يتبادلان الأحاديث تزامنا مع أصوات المجنزرات والآليات الغارقة في ضبابية الغبار المتصاعد جراء إعمال الهدم والإزالة. وجلس موسى هوساوي الذي جاوز سن الثمانين، يرقب تحركات معدات الإزالة عند مباشرتها أعمال الهدم للعقارات في طلعة الحفاير المصنفة ضمن المنطقة (أ). ويقول هوساوي «هذه ساعة الصفر وحانت لحظات التغيير التي ستقضي على كل خفايا هذا الحي، فالحفاير من أشهر أحياء مكةالمكرمة التي تعج بالعشوائيات وتمثل بيئة خصبة لكل ما يدور في البال، لكن مع هذا المشروع التطويري سيتحول الحي إلى أحد الأحياء النموذجية». في دكان صغير مطل على مشروع الحلم، جلس وفي يديه المصحف الشريف بائع السبح عبد الرحمن نادر الزمان الذي قطف ورقة خريفه السبعين، حيث فضل قضاء يومه في قراءة القرآن الكريم بعد أن فقد الأمل في زيارة الزبائن لمحله التجاري الصغير، فقد سادت في تلك الأوساط قناعات بالتغيير وانشغل كل من حوله في البحث عن حي بديل. ويوضح الزمان أنه لم يغادر دكانه على مدى عشرين سنة، مضيفا «لكن الحال تغير اليوم، لا سيما أن مراحل الإزالة قد بدأت، وللحقيقة فهذا حلم للجميع فالخروج من عنق العشوائيات وتطوير هذه المنطقة مطلب استراتيجي سينعكس على المنطقة بالإيجاب رغم صعوبة الفراق». وفي الجانب الآخر من الحي، ظل المواطن أحمد الغامدي يرقب إزالة العقارات التي يملك من بينها خمسة عقارات، وسط علامات استفهام تتطاير في ذهنه حول مراحل المشروع، وبالتحديد تفاصيل المرحلة الحالية. ويقول الغامدي «حرصت على الحضور المبكر إلى الحي لمتابعة الخطوات الأولية من المشروع والحقيقة أن التدرج في مراحل الإزالة سيخفف من معاناة الأهالي، لا سيما أنهم مضطرون إلى البحث عن بدائل سكنية وتجارية».