رأى شاعر رجلا غير سوي، وغير تقي وهو يقول لمن حوله: اتقوا الله.. احتسبوا.. قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة!، فأخذ الشاعر ينشد قائلا: وغير تقي يأمر الناس بالتقى سقيم يداوي الناس وهو عليل؟! وسمع الشاعر رجل آخر فأمن على قوله واستشهد بقول الله عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون». ثم أصبح الذي يأمر الناس بالتقى وهو غير تقي أحاديث وباتت سيرته تلاك في الأفواه وأمسى ممن حوله من يتابع نشاطه وماذا أكل وماذا شرب وماذا أخذ وماذا نهب، وبذلك يكون قد جلب على نفسه ما يكره ويفتح عيون الآخرين نحو تصرفاته وأعماله لأن أمره لهم بالتقوى جعلهم يقارنون بين أقواله وأفعاله، ولو أنه احترم نفسه وأدرك أن الملوث الشديد التلوث لا يصح له أن يأمر غيره بالنظافة المتناهية، وأنه كان ينبغي عليه البدء بنفسه فيصلح من أحوالها ويطبق مبدأ وخلق التقوى في المال والأعمال على نشاطه الخاص والعام، وأن يربأ بنفسه عن أخذ ما ليس له فيه حق وأن يكون قدوة لغيره في جميع الأمور المتصلة بالتصرفات المادية والمعنوية حتى تصبح لنصائحه وأوامره قيمة وتجد آذانا صاغية وواعية تسمعها وتعيها وتأخذ بما جاء فيها. أما المريض الذي لا يعالج نفسه مع أنه على يقين أنه مريض وأن مرضه مزمن، فإن أمره للناس بالتقى وهو يعلم أحواله لاسيما إن كانت تلك الأحوال تجري تحت السمع والبصر فإن ذلك الأمر لا يجد من يطبقه أو يأخذ به بل ربما وجد شجاعا يرد عليه قائلا: ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم!! وإذا كان الشاعر الناظم لبيت الشعر المتقدم ذكره قد عاصر عددا محدودا من غير الاتقياء الذين يأمرون الناس بالتقى وهم مرضى، فإن ظاهرة الناصحين قد توسعت وأصبح العديد من العاملين في مجال الإدارة والمال ونحوهما، ممن ينطبق عليهم صفة «غير تقي ولا نقي».. ومع ذلك تجدهم وأمثالهم في بعض المجالس ينظرون ويفتون ويتحدثون عن المبادئ والأخلاق والقرش الحلال زاعمين أن الواحد منهم لم يأكل في حياته هللة واحدة بغير حق.. يا سلام على الهللة؟!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة