انتهى اللقاء الثقافي الذي نظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، والمقام في محافظة الأحساء، والذي كانت محاوره «الخصوصية، المواطنة، الهوية» يوم الخميس الماضي. قبل البداية أعلن أن اللقاء ستشارك فيه نخبة من المثقفين والأدباء والمفكرين على اختلاف مدارسهم الثقافية، ليسهموا في تحديد ملامح الخطاب الثقافي السعودي، وليستشرقوا آفاقنا المستقبلية، وأن اللقاء سيعكس التطور الفكري والحضاري الذي نعيشه نحن المواطنون البسطاء، الذين لا ينتمون للنخبة. حين انطلق اللقاء النخبوي، لم يكن كما بشرنا به، وكان الحوار يعتمد على النظرية الصفرية «لا يمكن لفكرتك أن تكون صوابا ما لم تدمر فكرة الآخر». هذا ما أكدته الأخبار في اليوم الأول، فقد انتقدوا بعضهم بعضا وإن لم يسموا من هم الأعداء، إلا أنهم كانوا يلمحون أنهم معهم في ذاك المكان. وهناك من برأ تياره واتهم التيار الآخر بأنه مهيمن على المشهد الثقافي السعودي لعقود، ويجب كسر هذه الهيمنة، لأن المشهد العام أصبح كئيبا، لتزايد الممنوع والمحرم. وقال أحدهم: «إن بين الحضور من يقول بتكفير أشخاص يجلسون بجانبهم، وهناك من لا يلقون السلام على أشخاص في هذه الجلسة»، وهناك من رفع صحيفة ليؤكد أنها هي العدو الحقيقي للوطن، فأكد أحد كتاب تلك الصحيفة في خطبة عصماء، أن رفع الصحيفة تلك ما هو إلا دلالة على أنها الصحيفة الوحيدة في الوطن التي ستقود المجتمع لأنها ضد الظلاميين القابعين على صدر الوطن، ويخيل لي أن تلك الخطبة لن تقود إلا لتجديد عقده مع الصحيفة ككاتب يومي ودائم للجريدة. في اليوم الثاني لم يختلف شيء، لا أحد يلقي السلام على أحد من التيارين، وما زال يرى كل منهما الآخر بأنه السبب بالتخلف، أو السبب بالفساد، واختتم كل شيء دون أن يتغير شيء، لأن كلا منهما كان يرى أنه يمثل الخير فيما الآخر يمثل الشر والشيطان الذي سيفسدنا. ولأن المشهد بهذه الضبابية أود أن أسأل: هل ما حدث في الأحساء كان لقاء وحوارا وطنيا أم هي مفاوضات فشلت في جولتها السابعة؟ أقول هذا، لأن الحوار الوطني عادة ما يكون بين مفكري الوطن، يحاولون جعل الحياة أفضل وأجمل للمواطن، وأفكارهم تتلاقح، فيطرح أحدهم فكرة، فيضيف لها الآخر، ثم الثالث، وهكذا إلى أن تقترب فكرة التطور للكمال، ويبدأ العمل لجعل تلك الفكرة أو التنظير واقعا معاشا. فيما المفاوضات عادة ما تتم بعد أن تنهك الحرب الطرفين أو أحدهما، فيقررا الجلوس على طاولة المفاوضات ولكن دون أن يمد أحدهما يده للآخر، وربما يصلان لسلام مؤقت وموقع، وهذا السلام لا يدوم، لأن المعاهدة عادة ما تحقق مصالح الأقوى، وحين يضعف الأقوى تمزق المعاهدة ويعود المحاربون لأرض المعركة. فهل ما حدث في الأحساء مفاوضات بين متحاربين يكرهون بعضهم بعضا ولا يلقون السلام على بعضهم بعضا من أجل سلام مؤقت فقط؟ إن هذا ما حدث في ذاك اللقاء، فعلينا السلام. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة