كشف مسؤول يمني عن معلومات قدمتها بلاده للمملكة تتعلق بالمحاولة الإرهابية إثر العملية الفاشلة لاغتيال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية في مدينة جدة في السابع والعشرين من أغسطس الماضي، وتبناها تنظيم القاعدة في اليمن. وأقر رئيس جهاز الأمن القومي اليمني ومدير مكتب رئيس الجمهورية علي محمد الآنسي في حديث هاتفي مع «عكاظ» أن هناك تنسيقا وثيقا ودائما وثقة وطيدة بين الأجهزة الأمنية والاستخبارية في المملكة واليمن، فيما توافي بلاده الأشقاء في تلك الأجهزة بدقائق ما يهم المملكة، وعلى نحو فوري، ويتضمن ذلك الضربات الأمنية الاستباقية المتزامنة لمخابئ القاعدة ومعاقلها في أبين وصنعاء وأرحب، التي هي نتيجة للتعاون الأمني بين المملكة واليمن. وأكد أن صنعاء ستسلم الرياض من اعتقلوا من المطلوبين السعوديين ضمن عناصر القاعدة جراء تلك الضربات، محجما الكشف عن طبيعة المخططات الإرهابية التي يستهدف التنظيم من ورائها مصالح حيوية في المملكة، بوصفها معلومات سرية تتداول في إطار ضيق ومحدود. وأسهب الآنسي في مقابلته حول عدد من القضايا، من بينها علاقة القاعدة مع المتمردين، ودور إيران الخفي في تأجيج الأزمات في اليمن، والاتصالات الأخيرة بين نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض وإيران والقاعدة، وتمويل القاعدة في اليمن ومصادره، وحقيقة تورط طهران وحزب الله اللبناني في القتال إلى جانب المتسللين الذين اعتدوا على حدود المملكة، وكيف أنهم (أي المتسللين) أرادوا توسيع نطاق الحرب لتصبح إقليمية، وإخفاقهم في ذلك. وهنا نص المقابلة: الضربات الأمنية • بداية، نستهل معك الحديث حول إنجاز قوى الأمن اليمنية لثلاث ضربات استباقية ضد تنظيم القاعدة في محافظتي أبين وصنعاء ومديرية أرحب، إلى ماذا تعزو ما تحقق؟ أعزوه إلى نجاح أجهزة الأمن اليمنية وإلى التعاون والتنسيق مع الأشقاء في المملكة، وكل الأجهزة الأمنية الصديقة، باعتبارنا جميعا شركاء في مكافحة الإرهاب. • وكم تقدرون عدد الأجانب ممن قتلوا أو اعتقلوا نتيجة تلك الضربات؟ لانستطيع أن نحدد الأعداد الآن، لاسيما وأننا في مرحلة التحقيقات وعندما تنتهي سيعلن عن كل التفاصيل. بيد أننا، في الوقت الحاضر، لا نستطيع الإفصاح عن شيء طالما أن التحقيقات لم تنته بعد. • وماذا عن مصير الأجانب الذين اعتقلتموهم على خلفية تلك الضربات، لاسيما السعوديين منهم؟ هناك تعاون أمني كبير بين الأجهزة الأمنية في المملكة ونظيراتها في اليمن. وسبق أن سلمنا أعدادا كبيرة من عناصر القاعدة، ونحن أيضا تسلمنا يمنيين من المملكة، هذه قضايا تعاون أمني استهداف الشخصيات • وماهي طبيعة المخططات الإرهابية التي أحبطها الأمن اليمني، والتي كانت القاعدة توشك على تنفيذها؟ تنظيم القاعدة له مراميه في استهداف كثير من المنشآت الاقتصادية والبعثات الدبلوماسية وبعض الشخصيات المهمة، وزعزعة الأمن والاستقرار، وأنتم على علم بأهداف القاعدة التي باتت معروفة للجميع. • وهل تكشفت لكم مخططات واضحة ومحددة لاستهداف تنظيم القاعدة مصالح داخل المملكة؟ هناك تعاون موجود وقائم بين أجهزة بلدينا الأمنية ولا يمكن الإفصاح عن وجود مخططات، إذ إن هذه جوانب أمنية يتعين أن تبقى طي الكتمان في إطار ضيق وسري للغاية لا يمكن تداولها. محاولة الاغتيال • أوضعتم أيديكم على وثائق أو معلومات تتعلق بمحاولة القاعدة الفاشلة لاغتيال مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز؟ هناك تنسيق وتعاون وتبادل معلومات، بل المبادرة بها في كل شيء يهم المملكة. والإخوة في وزارة الداخلية والاستخبارات العامة، يوافون فورا بكل الملابسات بعد كل حدث، فهذه مسؤوليتنا، وعلاقتنا مبنية على الثقة الوطيدة المتنامية. • أهناك وثائق قدمت عن تلك المحاولة؟ الأمر لا يتعلق بوثائق بل بمعلومات قدمناها عن تلك المحاولة. الأمن والإعلام • وأين تقف أجهزة الأمن اليمنية اليوم بعد نجاحها في ضرب تنظيم القاعدة؟ الأمن اليمني يقف في المقدمة دائما، وله إنجازات كبيرة وبارزة في محاربة الإرهاب، وقد حقق منجزات كثيرة على هذا الصعيد غير أن أجهزة الأمن اليمنية تفتقر إلى الترويج. • ترويج ماذا؟ الترويج الإعلامي لما يحققه من منجزات أمنية ومكاسب كبيرة في مواجهة تنظيم القاعدة. • أهناك أمثلة؟ على سبيل ذلك، كان هناك ثلاثة وعشرون من عناصر القاعدة وقياداتها سبق أن فروا من سجن الأمن السياسي، قضي على سبعة منهم في عمليات أمنية نوعية وقبض على ثلاثة عشر فارا منهم وأعيدوا إلى السجن. وهناك ثلاثة فارون آخرون لا يزالون قيد المتابعة. أمن لا يتجزأ • حدثنا عن طبيعة التنسيق الأمني والاستخباراتي بين المملكة واليمن في مكافحة الإرهاب؟ أؤكد لك أن التنسيق في أفضل حالاته وأعلى مستوياته، لأن أمن واستقرار البلدين هو أمن واحد لا يتجزأ، وبالتالي فإن أمن المملكة هو أمن لليمن والعكس صحيح. • كيف وجدت القاعدة في اليمن ملاذا لنموها وتزايدها؟ في هذا ضرب من المبالغة، ووسائل الإعلام تعطي صورة مبالغة عن وجود القاعدة وانتشارها وانتقالها إلى اليمن، ذلك أن التنظيم موجود في بلدان كثيرة، والأجهزة الأمنية قادرة على التصدي للمجموعة، والقضاء على القاعدة غير أن الأمر يحتاج إلى وقت. القاعدة والمتمردون • هل تبين لكم وجود علاقة بين القاعدة في اليمن والمتمردين؟ بالطبع العلاقة بينهما واضحة، ولعلكم تذكرون الاعترافات المذهلة التي أدلى بها الموقوف السعودي محمد العوفي الحربي، إلى جانب أن بعض القنوات أكدت هذا التعاون، ثم إن المتمردين أطلقوا مجموعة من المحتجزين لديه، والعلاقة اليوم باتت معروفة. تمويل القاعدة • من يمول القاعدة في اليمن، خاصة أن بلادكم ليست بلدا يتمتع بإمكانات كبيرة؟ الذي يمول القاعدة في العالم هو الذي يمولها في اليمن، ونحن نعرف مصادر تمويل القاعدة. • ألنا أن نقف على تلك المصادر ؟ هناك جهات ومتعاطفون ومنظمات معادية للإسلام، فضلا عن مصادر تعتقد أنها تواجه الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبعض قوى الاستكبار كما يقولون، ونحن لا نقول هذا الكلام مجرد استنتاج، بل حقيقة لأن تاريخ القاعدة معروف. إيران والمتمردون • وأين موضع إيران من كل ما يجري في اليمن إن كان من المتمردين أو القاعدة أو الانفصاليين؟ إذا كانت إيران ليست ذات علاقة بما يحدث في اليمن، فعليها أن تدين كل تلك القضايا، وأن يكون موقفها واضحا، وأن تشجب كما شجبت كل الدول العربية التمرد، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي والدول الإسلامية والأفريقية والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالأمريكية، وكل الدول استنكرت ما يحدث في اليمن باستثناء إيران. الإيرانيون يطالبون بالحوار، وهم في ذات الوقت، يرفضون الحوار مع من تظاهروا في إيران من الإصلاحيين، وهم جزء من تكوين الشعب الإيراني، فكيف يطالبون بالحوار مع مجموعة رفعت السلاح وعمدت إلى قطع الطرقات والإخلال بأمن واستقرار اليمن، واستهدفت سلامة المواطنين، فكيف سيعقد الحوار؟ أعتقد أن هناك تناقضا واضحا وكبيرا، ثم إن هناك اتصالات أخيرة بين علي البيض وإيران وتنظيم القاعدة، وهذه تساؤلات نضع أمامها علامات استفهام ضخمة. دور واضح • نستوعب من كلامكم أن لإيران دورا خفيا في استفحال الأزمات في اليمن؟ لإيران دور واضح في كل ما يجري، ولا نحتاج إلى استنتاج أو تفسير. وإن إستمرار الحرب مع المتمردين طوال هذه المدة، يدل على أن هناك دعما إيرانيا قويا للجماعات المتمردة والإرهابية في صعدة. • وما حقيقة تورط إيران وحزب الله في القتال إلى جانب المتمردين، واعتداء المتسللين على حدود المملكة؟ هذه المعلومات أوردتها بعض المواقع الأمريكية، وهي مواقع إعلامية معروفة، وبعض المعلومات متواترة، لكنها محل تحر، وعندما نتأكد منها سنتخذ إجراءاتنا اللازمة وسنعلن عن الحقائق في حينها. سفينة السلاح • وماذا عن سفينة السلاح الإيرانية التي اعترضتموها قبالة السواحل اليمنية؟ السفينة موجودة ولا تزال محتجزة، وبحارتها لا يزالون رهن التحقيق، وبعد الانتهاء من تلك التحقيقات سيحالون إلى القضاء ومن ثم الإعلان عن تفاصيل تلك القضية. • لكنكم تأخرتم في كشف الحقائق، والرأي العام ينتظر التفاصيل وما توصلتم إليه من حقائق؟ إجراءات التحقيق والنيابة والقضاء معروفة، ولا يستطيع أحد التدخل في تلك الإجراءات سواء طالت أم قصرت لأنها مسؤوليتهم. لا توغل سعوديا • كيف تعلقون على مزاعم المتسللين المعتدين من أن القوات السعودية توغلت في الأراضي اليمنية وقصفت قرى حدودية مأهولة بالسكان؟ هذه المزاعم وتلك الادعاءات باطلة ولا أساس لها من الصحة. المتسللون أرادوا توسيع نطاق الحرب بالاعتداء على حدود المملكة لأنهم يعتقدون أن الحرب إذا بقيت داخل حدود اليمن فإنها ستصبح حربا منسية، ولذلك أرادوا بفعلتهم تلك أن تصبح حربا إقليمية لكن خابت آمالهم، وبدخلوهم في عدوان على حدود المملكة فقد فشلوا فشلا ذريعا. نفوذ الدولة • إلى أي مدى تبسط الدولة في اليمن نفوذها على سائر أنحاء البلاد لتمسك بزمام الامور؟ الدولة موجودة في كل بقعة وفي كل شبر من أرض اليمن، اليمن دولة منذ الأزل ذات مؤسسات ومجتمع مدني وأحزاب، ولا يمكن لأحد أن يفكر في هذا الاتجاه. اليمن والولاياتالمتحدة • كيف تقيمون التعاون بين صنعاء وواشنطن في أطره الأمنية والاستخباراتية؟ التعاون يأتي ضمن مفهوم الشراكة في مكافحة الإرهاب، والجهود الأممية التي تنضوي فيها كل الدول. • وما حقيقة مشاركة الأمريكيين في العمليات التي استهدفت مخابئ ومعسكرا للقاعدة في صنعاء وأبين وأرحب؟ عندما تكون هناك عمليات ناجحة بكل المقاييس والنجاح يتحقق بامتياز، وهو مشهود للأجهزة الأمنية والعسكرية، فما الذي يمنع أن يكون هناك تعاون وتنسيق من حيث المعلومات والجوانب التقنية وهذا من شأنه المساعدة في نجاح العملية. • ومع المملكة؟ المملكة تأتي في المقدمة، فاليمن والمملكة في خندق واحد. مصير بن لادن • هل تمتلك السلطات اليمنية معلومات عن مصير زعيم القاعدة أسامة بن لادن، إن كان حيا أو ميتا؟ إذا كانت الولاياتالمتحدة لا تعرف مصيره، فكيف لنا أن نعرف. أعتقد أن هذا السؤال يوجه للولايات المتحدة.