يقف باراك أوباما هذه الأيام في قمة كوبنهاجن لمناقشة قضايا المناخ، والتي يعقد العالم آمالا كبيرة عليها ويحلم بأن يزول كابوس التغيرات المناخية التي باتت الهاجس الأكبر لدول وقارات بأسرها، لكن في تلك الأوقات الحرجة وأثناء انعقاد المؤتمر الصارخ عقدت حكومة نيبال اجتماعا آخر على قمة جبال الهملايا، وقامت جزر المالديف قبلها بيومين بعقد اجتماع طارئ للحكومة تحت الماء وقد ارتدى الوزراء الغلابة الذين لا حول لهم ولا قوة عدة الغوص المعروفة وبزتها المدججة بالأوكسجين في مشهد ساخر مؤلم .. ليجلسوا حول طاولة ثبتت في قاع المحيط الثائر والذي بدأ يطالب بحقه في جزرهم المسالمة، ملتهما الوطن الذي أحبوه وعشقوه حتى الثمالة. من الهملايا وقمم الجبال التي باتت تشكو غياب الثلج نتيجة الاحتباس الحراري، إلى جزر المالديف .. مرورا ببنجلاديش التي صرح الخبراء أن عمرها لن يزيد عن 40 عاما، وأن قرب زوالها من الخريطة بات وشيكا تساوى المشهد المؤلم .. الجميع في مأتم .. دموع تذرف وأوطان تختفي، وأنين قلوب ترجو الله أن لا تكون أرض الذكريات ضحية الطبيعة التي أحالت نهار الآمنين إلى ليل كاسح. أما نحن فنعيش تفاصيل مأساة أخرى، حيث نقف نتضرع للمولى عز وجل أن لا يغتال الوطن ويذهب ضحية الأمانة المذبوحة على يد كل من تهاون في مسؤوليته وتخاذل في واجبه، نقف على أعتاب مشهد الأربعاء وكلنا حسرة على من باع الوطن بلا ثمن، وشارك في ذبح أرواح بريئة لم يكن لها ذنب سوى أنها عاشت على ظهر هذه الأرض في سلام وطمأنينة. لذا، فأننا اليوم نطالب لجنة التحقيق أن تكون قاسية جدا، وحازمة جدا في حق من استباحوا عرض البلاد وعاثوا في الأرض فسادا، وقد حولوا مدينتنا الجميلة إلى مدينة ترتجي الحياة من غرف الإنعاش، وبين سحب التلوث وبيئة الإهمال القاتلة. نطالبهم أن يأخذوا بعين الاعتبار مستقبلنا المقبل، وكيفية حمايتنا من خفافيش الظلام ومصاصي الدماء. جميعنا يعلم أن الطبيعة كانت سخية وكريمة ووفية ولم تقترب من حدودنا ولم تنل منا كما هددت غيرنا، لذا اليوم نتساءل في براءة الأطفال .. أين نعقد يا ترى اجتماعنا الغاضب كما هو الحال في تلك البلاد التي تئن في صمت، عل وطننا اقتص لحقه ممن عبث بمكتسباته طوال 30 عاما ؟ .. تراه أيكون فوق جبال الفساد التي تراكمت أزمانا، أم بقرب بحيرات العفن القاتلة، أم تحت البحر الذي لوثته أيادي التخاذل والتخطيط العقيم والحلول السقيمة؟ اليوم العالم يتضرع للطبيعة أن ترحم وتصفح وتنسى من أجل فرصة جديدة للحياة .. ونحن هنا في بلاد الحرمين نرتجي أن تعود الأمانة في القلوب كي نعيش وأبناؤنا من بعدنا في أمان، وتشفى جراح الوطن النازفة. ليس بوسعنا أن نقول الكثير في يوم المناخ العالمي .. هي رسالة نرسلها اليوم تضامنا مع أهل الأوطان الثائرين الخائفين على أوطانهم من الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية الغادرة، لكننا نقول في رسالتنا: تبا للخونة .. تبا لكل يد أكلت السحت .. تبا لكل من طعن وطنه في الظهر وفي الظلام وتجرد من الضمير، هم ألد وأشد عداوة من ريح تثور، وقطب يذوب بعد سنين من التجمد والصمود. رغم كل شيء .. دمت يا وطن بألف خير وسلامة وأمانة.