أظهرت كارثة السيول في محافظة جدة في منطقة مكةالمكرمة تشتت جهود الإنقاذ والطوارئ والإخلاء والإسعاف والإيواء والتطوع. بسبب تعدد جهات الطوارئ مثل الدفاع المدني والبلدية والصرف الصحي والشرطة والمرور والجمعيات الخيرية والمتطوعين والمتطوعات غيرهم كثير، وبسبب عدم وجود جهة مرجعية لإدارة الكوارث وإدارة جهات الطوارئ هذه، وعدم وجود التنسيق الآني لجهات الطوارئ وعدم وجود خطط طوارئ مسبقة يسير الكل وفقا لها للخروج بأفضل النتائج في أسرع فترة زمنية محسوبة. مما يربك الأطراف المعنية وأحيانا يعطل بعض الفرق.. وجهود البعض أحيانا قد تتسبب في إزالة ما قامت به فرق أخرى في ظل عدم التنسيق والمرجعية الواحدة. فضلا عن جهود الجهات التي كانت استجابة لحظية وعشوائية للكارثة وفي معظمها تكون جهودا مشعترة وليست تراكمية وإنما محاولة إنقاذ ما تصادفه هذه الجهات من أضرار.. والملفت للنظر أنه كانت هناك جهود إنقاذ من متطوعين ومتطوعات وتخصصيا هناك غواصون وغواصات وكلهم قدموا الكثير بدوافع شخصية وإنسانية بحتة. إن الكوارث يجب أن تدار من جهة واحدة فقط تشرف وترسم وتدير الكوارث وتوحد الجهود وفق خطة زمنية محددة بمهام واضحة وأهداف مرحلية محددة ومتابعة الإنجاز لتحقيق أقصى عدد من الإنقاذ وحماية أكبر عدد من الناس في الظرف الطارئ. وتكون هذه الجهة ولنسمها (لجنة الكوارث) تتبع لأعلى جهة في المنطقة والتي تمثل إمارة المنطقة لأن الكارثة تحصل غالبا في منطقة جغرافية محددة ويرأس هذه اللجنة الحاكم الإداري بحيث يتولى مسؤولية الإشراف المباشر على هذه اللجنة المركزية، ويرأس فريق العمل المشكل من الجهات الحكومية ذات العلاقة بمعالجة ومتابعة الأزمة. ورئيس اللجنة يمثل نقطة الارتكاز لكامل فريق العمل وهو المراقب والمتابع لسير العمل وصاحب القرار. يتكون أعضاء هذه اللجنة من كل الجهات الحكومية المعنية ويمثلون الجهات أو الوزارة التي يتبعونها ويقومون بنقل جميع سياسات جهاتهم إلى فريق العمل. وكذلك أعضاء من الجمعيات الخيرية والجمعيات العامة والنوادي مثل نوادي الغوص وغيرها من النوادي. وتقوم (لجنة الكوارث) هذه بصفة عامة بإعداد خطط مسبقة لجميع الكوارث المحتملة بحيث يعلم ويتدرب أعضاء الفرق على الدور الذي سوف يقومون به ضمن منظومة فريق إدارة الكارثة وينقل هذه المعرفة إلى جهاتهم الأصلية والاستعداد لأية كارثة ممكن أن تقع. وفي حال وقوعها يقوم فريق العمل في أية منطقة باسترجاع الخطة المعدة سلفا وتنفيذ الإجراءات المحددة فيها بإشراف مباشر من (لجنة الكوارث) لتحقيق أكبر فائدة من جهود الإنقاذ. يستعين الفريق (في أوقات الأمن) بمستشارين ذوي خبرة في مثل هذه الأزمات من خارج المملكة لأنني اعتقد أن جزءا من المشكلة تكمن في حلول الاجتهادات التي لا يحتمل الوضع تجربتها ليقوم فريق الاستشاريين بوضع خطط وإجراءات معالجة الأزمة وتوزيع المهام وتحديد المعالم الزمنية المحددة ووضع إجراءات المتابعة والتنسيق ومعايير قياس الإنجازات وتطبيق هذه الخطط بتجارب فرضية يشترك فيها المجتمع وتكون بصفة دورية، على أن يقوم العمل في الأوقات السليمة بتحديث خطط الطوارئ دوريا خصوصا أن وجود (لجنة مركزية أو إدارة للكوارث) سوف تصنع المجموعات والفرق التي تستطيع مجابهة الكارثة فور حدوثها وتعلم هذه المجموعات ماذا يجب عمله كل على حدة، وخلال الفترة الزمنية الأقصر بأسرع طرق وإجراءات محددة سلفا. على سبيل المثال ستتولى فرقة من العسكر الإغاثة والإنقاذ وفرقة تقوم بإقفال الشوارع وتنظيم السير وفرقة لحماية الممتلكات وتقوم فرقة تلقائيا بالترتيب مع الشقق السكنية. وفرق تعمل بالتوازي مع المواد الغذائية وفرقة من الغواصين لممارسة أعمالهم بطريقة تلقائية وفرقة ترتب المواد التموينية والغذائية وفرقة تقوم بنقل الضحايا وفرقة من المتطوعين وفرقة لفك مسارات السيول أو هدم انسداد السيول وفرقة للتسجيل وفرق تقوم بالتنبيه والإعلام والتحذير .. وجميعها تعمل بالتوازي مع بعضها بعضا. والفكرة الرئيسية في أن الجميع يسيرون على خطة وهدف ومرجعية واحدة والكل يعمل على حدة بالتوازي وبدون أن يؤثر على الفرق الأخرى ويعملون بإجراءات محددة ومعروفة ومنفذة مسبقا لتقليل آثار الكارثة في أسرع وقت. اعتقد أنه بدون خطط مكتوبة ومحددة لإدارة واحدة للكوارث يتكون أعضاؤها من كافة الوزارات المعنية وبدون الرجوع لمسؤول واحد وبدون مستشارين أجانب ذوي خبرة وبدون تطبيق تجارب فرضية متكررة يشارك فيها المجتمع، ستظل الكوارث تأتي مؤلمة ومفاجئة، وتخطف منا أقارب لنا وتكبدنا مليارات الريالات. والحال ينطبق على أية كارثة أخرى مهما اختلف نوعها في أي مكان في المملكة. م/ محمد بن إبراهيم الشريف