أحيانا، وأحيانا هذه تعني في القاموس السعودي دائما، تأخذني رغبة جامحة للتنقيب في سجلات بعض الناس ممن جلسوا على كراسي إدارية وأبحث: كيف بدأوا طفولتهم، وأين تعلموا، وما نوع الملعقة التي أكلوا بها، وماذا قرأوا، وهل هم حقا يعيشون في مجتمعنا؟ لأني بكل أسف أشعر بالحسرة علينا ونحن نراقب فعلهم بنا. كما أرغب فعلا أن أفتش عن تاريخهم ليس تلصصا أو تتبعا للعثرات بقدر ما هي رغبة في معرفة كيف يتحول الإنسان من جاد وحريص إلى مستهتر، ثم كيف يعود مجددا وبعد التقاعد إلى مهمة الناصح الأمين ويدعو الآخرين: أن أخلصوا في عملكم واستحضروا الأمانة. أشعر بصداع مع هذا الصنف من الناس، أشعر أني بحاجة لاستشارة فريق من أطباء علم النفس؛ ليخبروني فقط كيف شرب هؤلاء الاستهتار؟ وما حال الضمير إذا كان صاحبه مستهترا حد اللامبالاة، وهل هناك فرصة لنصبح مثلهم؟ أقول ذلك وأنا أعجز عن حساب المرات التي رأيت فيها الاستهتار يتبختر أمام الأعين دون أدنى حساب، ابتداء من الأرواح التي أزهقت على طرقات تربط مدنا، وذلك لأن الشركات الوطنية التي تشرف على صيانتها تنفض يديها في منتصف المشروع وتذهب لتنازع الوزارة على مبلغ معلق وتترك الطريق مصيدة مفتوحة للأرواح، إلى حديث لا يصدق لمسؤول يتحدث بصوت منخفض عن أجهزة غسيل كلى في مستشفى حكومي أصبحت أسهل طريق للإصابة بأمراض الكبد وتلوث الدم، فقط لأن صيانتها تحتاج إلى ورقة طلب، والورقة تحتاج إلى موافقة وختم المدير، والمدير لا يوافق لأن الوزارة لا ترد، والوزارة لا ترد لأنها لا تعرف، نعم هكذا؛ لا تعرف طريقا لصيانتها فقطع غيارها ليست متوفرة والنتيجة: أن يبقى الحال كما هو وأن يتحول مريض الكلى إلى مريض كلى وكبد ومريض بالوزارة! ما تحدثت عنه قد يكون صفرا بجانب ما تعرفونه أنتم من قصص الاستهتار في مجتمعنا، والتي تبدأ بقضية عابرة وتنتهي ويلتفت إليها بعد أن تزهق أرواح بسببها.. لهذا أسأل اليوم لأني فشلت في معرفة جواب لذلك: من علمنا وشرّبنا وغرس فينا الاستهتار؟ إني أشحذكم إجابة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة