الإفساد في الأرض ظاهرة لازمت الوجود البشري، وأدركتها الملائكة الأطهار منذ بدء الخليقة حين أخبرهم المولى عز وجل باستخلاف آدم عليه السلام في الأرض، فتساءلوا متعجبين: «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء»، فكأن هذه سمة من سمات الإنسان، لكنها بالطبع ليست سمة فطرية إجبارية لا مناص منها، وإلا ما كانت من موجبات الحساب الإلهي. وأورد لنا القرآن الكريم كثيرا من صور المفسدين، وصور الإفساد، ولعل أبرزها قتل الأبرياء بغير حق، وترويع الآمنين، وإتلاف مظاهر الحياة التي جعلها الخالق جل شأنه من مقومات الوجود على هذا الكوكب. وانظر إلى ما جرى ويجري في اليمن الشقيق، وما جرى ويجري على حدودنا المقدسة مع هذا البلد الغالي، لأجد مجموعة من المفسدين في الأرض، تنطبق عليهم صفات أشباههم وإخوانهم ممن جاء ذكرهم في القرآن الحكيم. فاليمن السعيد، ذلك البلد الذي يشهد التاريخ له بالحضارة، نراه يعاني الآن، ومنذ فترة ليست بقصيرة، من محاولات انفصالية تسعى لهدم وزعزعة استقراره، وتمزيق وحدته وتفرقة شعبه، بل أراد هؤلاء المفسدون في الأرض أن يعم فسادهم وإفسادهم إلى دول جوار آمنة مطمئنة، لم تبخل ذات يوم بما تملك، لدعم استقرار وأمن الدول الشقيقة، بل وذاق المفسدون أنفسهم من خيرات هذا البلد. لمصلحة من يسعى هؤلاء إلى زعزعة أمن المنطقة، والنيل من استقرارها، وترويع أهلها؟! وعندما تعلن طهران أخيرا عن إطلاق اسم «الحوثي» على أحد شوارعها في العاصمة، ومن قبل أطلقت اسم قاتل الرئيس السادات على أحد شوارع طهران، إنما يقدم لنا دليلا على الدعم الذي تقدمه طهران لكل من يسعى إلى تقويض أمن واستقرار دول المنطقة. إذا كان المتسللون وسادتهم يعتقدون أنهم سيقيمون امبراطورية لهم في المنطقة فهم واهمون، وإن كانوا يأملون في تقسيم اليمن الموحد إلى دولتين فهم مقامرون مغامرون، وعليهم أن يدركوا ويعوا وأنى لهم ذلك الإدراك والوعي حقائق التاريخ، بل ومتطلبات الواقع. ففي الوقت الذي تزول فيه الخلافات وتتلاشى في أوروبا بين المذاهب والمعتقدات وتحل المشاكل بين أتباع هذه المذاهب سلميا وحضاريا، على نحو ما تم بين آيرلندا وانجلترا، ترى المتسللين يعودون إلى عصور الانحطاط الأخلاقي والسلوكي ويعتدون على الآخرين. أسقطت ألمانيا السور الفاصل بين شطريها، لكن المتسللين مصممون على إقامة جدار عازل، وسور يقسم اليمن، بعد أن تذوق طعم الوحدة، ونعمة الأمن والاستقرار على أيدي أبنائه المخلصين. أسئلة كثيرة تقفز إلى ذهني، حول مصادر الأسلحة التي يحاربون بها، وعن الخطط التي وضعت لهم، وعن الدعم الذي يلقونه فيما نسمعه من تصريحات، وكلها تجعلني بدوري أطرح سؤالا، من المؤكد أن إجابته يعرفها الكثيرون، ولكن لمجرد التنبيه والتذكير: لمصلحة من يعمل المفسدون في الأرض كل ما نراه ونسمعه ونعيشه، في اليمن الشقيق وعلى حدود بلادنا المقدسة؟! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة