أثارت كارثة الأربعاء الأسود التي أصابت محافظة جدة، وخلفت ضحايا وخسائر مادية وبشرية، وكشفت عن ارتجالية في التخطيط وعدم المسؤولية في التنفيذ، حفيظة أهالي حي بريمان الشعبي، وتعالت أصواتهم المنادية بإيجاد إجراءات احترازية وعمل سريع لإنقاذهم من كارثة وشيكة بانت بوادرها مع أولى زخات المطر خلال جريان وادي بريمان وأبا الهطيل اللذين أحاطا بالحي ليجرفا مخططي القدس والعيون المطروحين للبيع رغم عدم وجود بنى تحتية فيهما ووقوعهما على مجرى الواديين. وناشد الأهالي سرعة اتخاذ ما يمكن اتخاذه من تدابير احترازية خوفا على أرواحهم وممتلكاتهم كون المياه التي تدفقت مع الواديين لم تكن كثيفة، ما ينذر بكارثة في حال عودة الواديين اللذين يحيطان بالحي ويخترقانه من جميع جهاته في حال جريانه وتعرضه للأودية التي تتقاطع مع روافده من جهة الشرق. وقال ل «عكاظ»عمدة حي بريمان طلال محمد المعبدي، أن الحي يعاني منذ مدة من مشاكل كثيرة منها عدم وجود بنية تحتية أو مجار لتصريف السيول، إضافة إلى إحاطته من الجهة الجنوبية بوادي أبا الهطيل ومن الجهة الشمالية والشرقية بوادي بريمان، وهما من أكبر أودية جدة واقتصار اتصاله بالأحياء الأخرى بمنفذ واحد يمر من الجهة الغربية في منطقة مجرى السيل، بينما تعاني الجهة الجنوبية من زحف مكثف ل «تشاليح» السيارات التي وصلت بفعل التمدد الذي أقدم عليه أصحابها والعاملون عليها من المخالفين لنظام الإقامة والعمل، حتى أغلقت مجرى وادي أبا الهطيل ما قد يؤدي إلى كارثة في حال جريانها بشكل كبير إذا ما تمكنت مياهه المتدفقة من جرف المركبات التالفة باتجاه حي بريمان. من جهته، قال سفر ساعد المطيري عضو مجلس الحي، إن أصواتهم ونداءاتهم لم تجد آذانا صاغية، متهما الجهات المعنية بافتقادها للتخطيط واقتصارها على العمل بعد وقوع الكارثة كما حصل في حي قويزة وبقية الأحياء الأخرى، وطالب المطيري جميع الجهات المختصة بأن تقف على الحي لترى حجم الخطر المحدق به كخطوة لايجاد حل عاجل يحافظ على أرواح سكانه وممتلكاتهم الذي تشكل النسبة الكبرى منهم من شريحة محدودي الدخل. أما علي الشريف عضو مركز حي بريمان ورئيس اللجنة الاجتماعية فقال، إن الحي منذ فترة حظي بزيارة مسؤولين في المجلس البلدي والأمانة واطلعوا على مطالب الأهالي وتخوفهم من هاجس السيول ولكن لم تر التوصيات طريقها للحل، حيث لا يزال موضوع البنى التحتية وخصوصا إيجاد شبكة لتصريف السيول معلقا فيما بدأت عملية البيع في أراضي المخططين الواقعين في مجرى السيل رغم الكارثة التي وقعت أخيرا في إشارة إلى أن هم المسؤولين عن هذين المخططين الربح المادي فقط. وأشار الشريف إلى تعرض الجهة الشمالية والشرقية خلال الجولة التي تم رصدها بالصور لدمار كامل ظهر في المباني المدمرة والأحواش التي جرفها السيل والذي ما زالت مياهه الراكدة كما يقول مستقرة في شمال وشرق الحي عقب احتجازها بأطراف المنطقة الجبلية والجهة الشرقية لتشاليح السيارات، فيما نزحت كميات كبيرة من المياه في مجار فرعية لتقتحم الحي وصولا إلى المنطقة التي تقع فيها مصفاة أرامكو. رئيس لجنة إصلاح ذات البين في مركز حي بريمان مبارك بخيت المعبدي، قال هناك أكثر من خمسة عشر واديا جميعها تخترق أحياء جدة معظمها من الأودية الكبيرة منها، وادي أبا الهطيل، وادي بريمان، وادي اللواء الذي يمر عبر مخطط الرياض في عسفان ووادي نفيسة المجاور له ووادي غيا الذي يخترق مخطط الحمدانية ووادي أم حبلين ووادي بحار اللذان يخترقان طريق المطار ووادي مريخ الشمالي ووادي عصاري الذي يمر بحي المنار شرق الخط السريع ووادي الحفنة الذي يخترق حي الصفاء من جهة الشرق بالقرب من حلقة الخضراوات. وأضاف المعبدي قائلا: هناك وادي تنيضيب الذي يمر في شارع فلسطين ووادي مريخ الحصاة الذي يتفرع منه وادي بني مالك ويمر عبر المطار القديم، وحي بني مالك وأبرق الرغامة ووادي قوس ووادي مثوب اللذان تسببا في كارثة حي قويزة ووادي غليل في جنوبجدة، بالإضافة إلى بعض المجاري والشعاب الصغيرة والمتفرعة من تلك الأودية . وأكد المعبدي، أن تلك الأودية من أخطر مجاري مياه السيول على الإطلاق كونها تصب مياهها المنقولة من المرتفعات الشرقية المحيطة بمحافظة جدة عبر شعابها ومجاريها المنحدرة باتجاه الغرب، وأشار المعبدي إلى أن بعض هذه الأودية قبل أربعة عقود تعرضت للجريان رغم عدم وجود أمطار كان السبب في جريانها سيلان الأودية الكبرى كوادي فاطمة وهدى الشام التي جرت سيولها باتجاه تلك الأودية إلا أنها كما قال لم تسفر أضرارا نتيجة لعدم وجود مبان في ذلك الوقت أمامها. في صعيد متصل، فشلت أمس الأول إجراءا ت أمانة جدة لخفض منسوب المياه في السد الاحترازي بعد فتح الأنبوب الرئيسي للسد أمام المياه التي شقت طريقها في وادي العسلا لتحدث بحيرة صغيرة في حفرة مرمى مخلفات البناء في حي التوفيق حيث تسربت المياه من تحت أكوام المخلفات لتشق طريقها باتجاه حي التوفيق ما استنفر أجهزة الأمانة لتوجيه آلياتها في محاولة لإيقاف المياه. مدير العلاقات العامة والإعلام في أمانة جدة أحمد الغامدي أكد ل «عكاظ» أن الأمانة تقوم بتركيب أنبوب لسحب المياه الموجودة في مرمى مخلفات البناء وإيصالها للشبكة المخصصة لتصريف المياه باتجاه البحر، موضحا أن العمل سيتم الانتهاء منه خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة، ونفى ما يتردد حول تسرب مياه الصرف باتجاه أحياء شرق الخط السريع.