• علينا الاعتراف أن نزال أبناء جدة (الأهلي والاتحاد)، يصعب توصيفه ووصفه؛ فالصخب المتزامن معه يختلف هذه المرة، وإن تمرد على النفس أو كساها بشيء من الهدوء وعدم الحماس، لكنه نزال ظاهري ما أن يبدأ حتى يستكن، فرفاق المدينة يتقاسمون الآلام ويتجرعون الحزن. • مساء السبت؛ لن يكون سوى حلقة وصل للأتراح والأحزان، واعتراف هائل، ينفض أمامك ويخلع أقنعته، يجعلك أسير لحظة فقدت فيها قريبا أو صديقا، حزن يشبه حجابا تدّلى على وجهك؛ يغلب هواك ويسرق دمعة مقلتيك، حتى الأناشيد والأهازيج التي كانت تصدح من جنوبجدة في لقاء أبنائها (الأهلي والاتحاد)، ستخرج من حناجر الثكلى؛ نشيجا حزائنيا عصيبا، لا يشبه صوت المنتصر ونسائم البحر. • إن اللقاء ليس قائما في مساء السبت على الانتصار أو التفوق أو المتعة، بل سيتكئ إلى واقع أبكى العروس وسكانها، وما نراه جمالا هو رغبة الحياة في أن تمارس دورتها. وما يضاعف خطورة البوح بهكذا لقاء هو قدرتنا كأشخاص على نسيان ما تمر به مدينتنا، وطرق الوصول إلى ذاك الملتقى الذي كنا نراه قريبا؛ كالمسافرين إليه من طرق عدة، وهل سنتفوق على هذا الواقع (الكاسح) قبل أن تنقطع النفس. • قد يمارس الضجيج في لقاء الأهلي والاتحاد؛ وهو الصخب المتعارف عليه في لقائهما، لكنه -هذه المرة- صخب مشوب بالخوف من الآتي، ولن يكون للشباب فيه «نفس» و «هوى»، لكنه قد يكون وقتا لبوح مكنونهم الداخلي، فلا رغبة لهم وسط ضوضاء المطر وشلالات السيول، بل قد يكون هذا الصخب شبحا، زوابع تملأ النفوس دقائقه، ستطغى عليهم الأحداث وصورها، حوادث الغرق، أنين الفقد، و«جهازهم العصبي» يستغيث بأي شيء لكي يلامس سكينة وطمأنينة النفس وعزائمها، ويزيح هزيمة الرعد وأزيز الريح، ما العمل ومدينة لا تبعث الفرح في روح اللقاء ومشاهديه أكثر من ولولة نساء ونحيب رجال. نزال يشبه الواقع «الكارثة»؛ يمر على مفارق القدر، العائدون من الملعب لن تكون طقوس انتشائهم مثل لقاءات سابقة بين أبناء جدة، فحين يدخلون إلى منازلهم الخالية ستنتابهم الرغبة في مغادرتها فورا، إن لم يكن هربا من فراغها أو صوت أنين جيرانها، فهو هروب من روحك التي تأبى السكون في مدينة إحدى سماتها الجميلة (الضجيج). إذن، سيكون (نزال) الأهلي والاتحاد الحالم، مثل مدينتهم فيما مضى، حزينا هذه المرة كواقع جدة؛ فهم يتقمصونها بردا وحرا ورطوبة وحزنا. فجدة بالنسبة لهم ليست أرض مصدرِ عيشٍ، بل هي انتماء وروح، والقفز على أتراحاها ليس صعبا ومستحيلا، وهو ما يكسوهم بالتجلد ويوسمهم بالتميز، فليس ما يميز سكانها مصطنعا ولا طبعا متكلفا، إنه فطري، خلاق، مطبوع داخل سياق العشق. ••• وأخيرا .. فرق كبير بين عين تعشق جدة وأخرى تراها. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 169 مسافة ثم الرسالة