.. من المؤكد أن العقوبات لم توضع إلا بغاية الإصلاح الذي يوفر الأمان للمجتمع، وفي دراسة من إصدار مركز الدراسات والبحوث في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بعنوان: (خدمات الرعاية الاجتماعية بسجن النساء بالرياض من منظور التخطيط والتطوير ) توصف الأستاذة نورة بنت بشير صنهات العتيبي ماهية العقوبات ومعالجتها من خلال دراسة لما يتم في سجن النساء في الرياض من خدمات الرعاية الاجتماعية التي تقول عنها: للرعاية الاجتماعية داخل المؤسسات العقابية أهمية بالغة في تأهيل المحكوم عليه وإعداده للعودة إلى المجتمع وتوفير أحسن الظروف التي تساعده على الاندماج في المجتمع بعد الإفراج عنه كما تهدف هذه الرعاية إلى إحداث تغيير وتعديل في شخصية النزيل وفي نظرته إلى الحياة العامة، والنهوض بمستواه القيمي والمعرفي والمهني حتى يعود إلى المجتمع من جديد كمواطن صالح وعضو منتج. ومن أجل هذا عنيت قواعد الحد الأدنى لمعاملة المذنبين بضرورة توفير نوع من الرعاية الاجتماعية للمسجونين تستند ركيزته إلى أن الغرض والمبرر القانوني للعقوبات والتدابير السالبة للحرية هو في النهاية حماية المجتمع من الجريمة ويتم هذا عندما تسعى النظم لاستخدام مدة السجين على نحو يجعل المذنب عند عودته للمجتمع ليس راغبا فقط بل قادر على أن يسد حاجاته بنفسه. وهذا ما تؤكده القاعدة (58) وتليها القاعدة (59) التي تؤكد استخدام المؤسسة ( يقصد بها المؤسسة العقابية ) جميع الوسائل العلاجية والتربوية والأخلاقية والروحية وغيرها من المؤثرات التي تسعى إلى تطبيقها وفق احتياجات العلاج الفردي للمسجونين. ومن هنا وفي ضوء تفسير هذه القواعد التي اعترفت بها دول العالم أجمع، نجد الرعاية الاجتماعية للمسجونين في المؤسسة العقابية ركائز أساسية، تقوم على توفير المعاملة العادلة، لتشمل تصنيف المسجون بمجرد وصوله إلى المؤسسة، ودراسة ظروفه وسماته الشخصية والاجتماعية، وتقرير نوع المعاملة التي سيتلقاها خلال فترة بقائه في المؤسسة العقابية. أيضا توفير الخدمات والمرافق العامة والشخصية من رعاية صحية وطبية وتوفير العلاج الطبي والنفسي بل والعقلي في بعض الحالات التي تستلزم ذلك، وتوفير الفراش والتغذية والترويح والتعليم والتثقيف والتوعية الدينية، والتأهيل المهني والتشغيل أو العمل بأجر يستطيع الانتفاع منه. وفي دراسة أخرى أعدها الدكتور مضواح بن محمد آل مضواح بعنوان: ( المنفعة المستقبلية للعقوبات الجنائية من منظور إسلامي ) صدر أيضا عن مركز الدراسات والبحوث في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، شرح لمفهوم العقوبة يقول عنه المؤلف: إن المنفعة المستقبلية للعقوبة لا يمكن أن تتحقق بالنظر إلى الماضي فقط فالفعل الإجرامي يكون قد حدث وانتهى، وإنما بالنظر إلى المستقبل أيضا، وفي إطار هذه النظرة إلى المستقبل يتم انتفاء العقوبة الأكثر تجانسا وتآزرا مع البرامج الإصلاحية، لتحقيق المنفعة المستقبلية للعقوبة، وهذا ما يعد ضروريا لتحقيق الأمن العام، ويعطي للعقوبة مشروعيتها، وأية عقوبة تجاوزت ذلك فهي عقوبة غير عادلة، وتصبح من قبيل الانتقام والثأر Vengeance من الجاني، والتعسف والجور عليه.. ولما كان موضوع المنفعة المستقبلية للعقوبة في ظل السياسة الجنائية الإسلامية بخاصة ما زال يطرح نفسه، ولم يلق إجابة علمية شافية، أو حتى محاولة أكاديمية جادة تناولت الأنماط العقابية في مجتمع المملكة العربية السعودية من المنطلق الإصلاحي، حسب علم الباحث ، فقد ظهرت مشكلة هذه الدراسة واستثارت اهتمام الباحث بهذا الموضوع محاولا التعامل معه من خلال دراسة علمية، نظرية وميدانية، لمعرفة إلى أي مدى استطاعت العقوبات الجنائية أن تحقق المنفعة المستقبلية للعقوبة ؟ وهذا هو جوهر مشكلة هذه الدراسة ومحور أهدافها. تحية للقائمين على جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية على ما تقوم به من جهود .. وشكرا على الإهداء الكريم. فاكس: 6671094 [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة