في حياة رجال الإسعاف قد تفصل بين الفرحة والألم لحظة زمنية لا تتجاوز الثواني، فتتبدل المشاعر بين المضحكة والمبكية داخل سيارة فريق الإسعاف المرمز بالرقم 4/30 للفريق المكون من ثلاثة شبان سعوديين (حسن، ماجد، خالد) مهمتهم تضميد الجراح، وتقديم المساعدة لمن يحتاج المساعدة داخل مشعر منى في موسم الحج الحالي. ويقود الفريق حسن الطياري الأكثر الخبرة بعد أن قضى 27 عاما من العمل في الحج يحمل معها ذكريات سعيدة تتجسد في طرائف عاشها في الحج، أبرزها إسعاف حاج سقط في المشاعر نتيجة الإعياء، وعند إسعافه والانطلاق باتجاه مركز طبي لمعالجته، ليجدوه بعد برهة من الوقت يعتذر ويطلب التوقف منهم، والاعتذار منهم كونه تقمص دور المجهد لإيصاله إلى طريق سلكوا غيره، ما دفعه للاعتراف. ولا تخلو حياة الطياري في عمل الإسعاف الإنساني من ذكريات حزينة لا يحبذ استرجاعها أو سردها كقصة مجلس على الأخريين، مبررا السبب بقوله «أحتاج أياما للحديث عنها، فكل حالة أباشر إسعافها تحزنني وتؤثر على نفسيتي، ولكن لابد هنا من الصبر والمجاهدة». بينما يفضل لغة الصمت زميله الثاني خالد الحارثي عند ممارسة مهمات عمله في أحلك الظروف وأقساها قبل أن يقطع حديثه ل«عكاظ»، والانطلاق برفقة زميليه حسن وماجد للاستجابة للبلاغ رقم 60 الصادر من الدائرة التابعة للمركز رقم 30، والتوجه إلى منطقة الإحداث والعثور على المريض أنصر إقبال الذي تعرض لأزمة صدرية. ويعيش رفقيهم الثالث ماجد اليامي بين طرقات المشاعر المقدسة «أحلامه الوردية» الخاصة كون الفاصل الزمني بين حياته العزوبية والزوجية لم يتبقى على ساعة صفرها سوى 30 يوما بالتمام والكمال. يقول اليامي «في لحظة يكون تفكيري على بعد ألف و200 كيلو من مكة باتجاه موطن الطفولة نجران الأرض التي تقطنها العروس، ولحظة أخرى اتفانا فيها ذهنيا ونفسيا لتطبيب وتخفيف جراح وآلام من أسعفه». ويتمثل دور قائد الفرقة حسن في تسجيل البلاغ وقيادة سيارة الإسعاف، بالإضافة إلى التنسيق مع غرف العمليات، ويتعاون ماجد وخالد على فتح الأكسجين وإعداد المغذي خلال دقيقتين في سيارة الإسعاف، وإجراء الكشف والتشخيص المبدئي للحالة، وعمل الفحوصات وتحاليل الدم السريعة للتأكد من عدم إصابته بالسكري وتحديد فصيلة دمه لتفادي الأخطاء ومراعاة هذه الأجزاء الدقيقة في عملهم. ويتحرك الفريق بسيارة الإسعاف، وهم على نفس واحد ويد واحدة، تكاد تلمس كل جزء في المركبة لإيصال إقبال إلى مستشفى منى الجسر الواقع على منتهى جسر الملك عبد العزيز في منى، وعند استلامه من الكادر الطبي يغادرون سريعا لمباشرة حالة أخرى دون انتظار مفردة «شكرا» التي لا يعتبرونه واجبة كون عملهم هو الواجب في منظورهم