بالرغم من التحولات الحادثة في المجتمع السعودي، على كافة الصعد، اقتصاديا واجتماعيا وفكريا؛ جاءت مسودة خطة التنمية التاسعة (1431-1435) متدثرة بالعموميات، ومبتعدة عن الملفات الحيوية، والإحصائيات، لم تراع الأولويات المستجدة بالمفهوم التنموي، والتحديات الملحة، بالمفهوم الوطني. إذ تمحور الهدف الأول حول ثوابت ومسلمات رئيسية، كفلها النظام الأساسي للحكم، تتمثل في المحافظة على القيم الإسلامية، وتعزيز الوحدة الوطنية، وضمان حقوق الإنسان، وترسيخ هوية المملكة، فيما ركز الهدف الثاني على تطوير المشاعر المقدسة، وتناول الهدف الثالث والرابع أهمية تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتحقيق التنمية المتوازنة. ومن أهم ما جاء في الخطة التاسعة؛ ترسيخ مبدأ الشفافية والمساءلة، ودعم مؤسسات المجتمع المدني، وأهمية التوجه نحو الاقتصاد المعرفي. وبالرغم من أهمية الأهداف الخاصة بترسيخ مبدأ الشفافية والمحاسبة، وتحقيق «التنمية المتوازنة» وضمان حقوق الإنسان، ما يؤكد استمرار جهود الإصلاح المؤسسي والاقتصادي، إلا أن هناك متغيرات حيوية بارزة في المشهد السعودي، تستدعي الضرورة أن تتصدر أهداف الخطة التنموية، أبرزها تخفيض حجم البطالة خلال السنوات الخمس القادمة إلى 1%، وفق جهد وطني شامل، يتجاوز تحميل وزارة العمل وحدها مسؤولية هذا الملف، الذي تتطلب معالجته جدية أكبر من كافة قطاعات الدولة، وسياسات صارمة، قد تترتب عليها تضحيات داخلية مؤلمة، وربما إحراجات سياسية خارجية. أيضا غاب عن الخطة التنموية التاسعة، هدف وطني لافت، لجهة معالجة ملف الفقر، الذي حظي باهتمام سياسي واجتماعي كبيرين، ما يعني ضرورة اشتمال خطة التنمية على هدف بارز، لمحاصرة الفقر، وتخفيضه خلال السنوات الخمس القادمة، بنسبة 75% وفق برنامج تنفيذي واضح المعالم والأهداف. كما غاب عن الخطة هدف حيوي، يمس الأمن الاستراتيجي السعودي، وهو أهمية توسيع حجم الطبقة الوسطى في المجتمع إلى أكثر من 85%، ومعالجة قضايا الشباب وأزمة السكن، وفق برامج قابلة للتطبيق والقياس. أما في حقل التطوير الإداري والمؤسسي، فهناك حاجة إلى إدراج هدف حيوي، وهو تفعيل المؤسسات والهياكل والأطر، ورفع كفاءتها التنفيذية، ليتكمن القطاع العام من تنفيذ الأهداف الوطنية العليا. ويبقى المهم؛ وهو أن تشتمل الخطة التنموية الجديدة، على خارطة طريق، وملاحق عمل توضح آليات التنفيذ، وأساليب العمل، وجداول زمنية لتحقيق كل هدف، والأهم؛ في هذا الملف تحديد الجهة الوطنية المعنية بتطبيق الخطة ومنحها صلاحيات واسعة، وقد يكون من الأفضل إيجاد فريق وطني مستقل مختص لمتابعة تنفيذ الخطة على الأرض، عبر مقاييس كمية ونوعية، لقياس درجة التنفيذ، ومستويات الأداء، حتى نتجاوز أخطاء الخطط الماضية، وتحويل الخطة إلى برنامج عمل وطني، تنخرط من خلاله كافة المؤسسات والأطر والقوى في جهد وطني واضح، وتقويمه بشكل دوري، لضمان نجاح الخطط أو تعديلها عند الضرورة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 166 مسافة ثم الرسالة